الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-06-30

6:08 مساءً

أهم اللأخبار

2025-06-30 6:08 مساءً

قورينا

الشريف بوغزيل11

الشريف بوغزيل  

قبل أن يعي التاريخ نفسه بقليل .. وقبل أن يتعرف على ذاته ببرهه .. وقبل أن يجادل مراحله .. كان الفضاء وكان الوعي .. كانا يبحثان عن الوعاء ..  عمن يستلهم هذين السياميين …

 الزمان والمكان . العدم والانطلاق . المسافة والاتجاه . وما تبقى من براح يستوعب كل شيء حد الجدل  هنا.. كان الجمال والسحر كما كان .. هناك كانت أثينا وكانت قورينا ولكل منهما عالم خاص

لن ينصف الفكر أثينا وحدها ولن يتنكر لقورينا . لأن الفكر لا زال يحبو ساعتها . ولم يكشف لنا عمن هو المعلم ومن المتلقي . من هو الدليل ومن هم القافلة ؟ من هو الذئب وما شكل الفريسة ؟ وهل أسست بالفعل قورينا المكان على أساس فكرة أثينية بحتة ؟ هل كانت بالفعل مكانا دونما بشر؟ أم كانوا بشرا ينتظرون من يقودهم ويقرون له بالسيادة وحق المعلم ؟  أم كانت ليبيا بثقافتها وفلسفتها وجمالها وعلومها ؟؟؟

يجب أن يجيب التاريخ عن هذا . وإلا تاهت الحكاية . وأجبرت على مسار قد لا يكون صحيحا . هناك كانت أثينا بفنها وجمالها وفلاسفتها ورجال دينها . بقوتها وطبقاتها .

فماذا كان هنا .. هل العدم البشري ؟ لماذا سلط التاريخ والمؤرخون الضوء هناك وتجاهلوا هنا إلا بعد قدوم الإغريق بقليل ؟  ولم تسرد إلا حكاية الإغريق هنا أيضا ؟  وإن ذكر شيء من هنا فلابد أن يكون إغريقي الملامح والحرف والعرق أو نصف العرق !!!  ألف لماذا نوجهها هنا لسيادة التاريخ كي يجيب ونحن ننتظر ؟ !!

بعد مضي أكثر من عشرين قرنا على ميلاد أثينا  أراد كولمبس الذهاب إلى الهند فوجد نفسه في أميريكا رغم تطور التقنية والبراح الذهني والعلمي والزمني الكبير الذي قد يكون أوفر حظا من الإغريق آنذاك . فهل بالفعل وقبل مضي عشرين قرنا على رحلة كولمبس أراد الإغريق الذهاب من النقطة ألف إلى باء فوصلوا دونما مشقة أو هلاك ؟ وهل بالفعل النهج الأسطوري قد يكون دليلا تاريخيا دامغا على أن الآلهة أوالطبيعة أشارت لهم .. اذهبوا وابنوا قورينا فبنيت؟

أثينا يا سادة كانت فضاء للفكر والفلسفة والجمال والحب. جزر متناثرة كي يتعلم الإنسان أبجدية الانطلاق. حوصر الإغريق بالمكان والجمال فلابد لهم أن يبحثوا عن فضاء أوسع. إنه المطلق والبحث عنه ولا شيء سواه. استفزهم البحر وجماله وشروقه بعد أن سرد الفنان الفيلسوف حكايته عن اليابسة فلابد له الآن من المغامرة لمعرفة المجهول أو ما وراء كل هذا. إنها طبيعة الفنان الفيلسوف. الإنسان لابد أن يعرف ويعبر ويعبر.

انطلقت رحلة البحث عن المجهول أو المطلق إن أردنا استعارة ذلك. انطلقوا من أثينا إلى المجهول فكانت ليبيا هي النقطة القدر التي قدر لها أن تكون (باء) ولكن دونما قصد أو نوايا مسبقة. ليبيا آنذاك كانت فضاء للفضيلة والخير والسمو والجديد الدائم. رحبو بهدية البحر وكأنه أراد أن يجيب على تساؤل الليبي دونما معاناة.

توالى الزمان وحدث الامتصاص والمزج فتكونت حضارة مركبة أشبه بشقيقاتها آنذاك . إنها الحضارة (الليبويونانية) أو (القيرواثينية) وهذه حضارة المصاهرة الفكرية والعرقية والمعملية إن سمح لنا التاريخ بذالك .

هم كانوا قله حسب ما روت الأسطورة التاريخية المصدر. ماذا يعني وجود المسارح والساحات والأسواق بقورينا إن لم تكن حضارة معلم ومتلق ولابد للحضارة أن تكون هكذا، وأكون حضاريا عندما أكون معلما ومتلقيا بذات الوقت. وهذا يؤكد رغبة الليبي الدائمة في تعلم الفنون والمعرفة وبثها للعالم كرسلة للحضارة منذ أن انطلق الفكر ومعالمه بها.. ليبيا .

من هنا نخلص إلى أن الإغريق الذين أتوا إلى ليبيا ليسوا غزاة وإنما فلاسفة وفنانون قصدوا وجه المعرفة والمطلق لا وجه الحرب الذي لطخهم به من كتبوا التاريخ زورا .. من هنا لابد لنا أن نعيد صياغة التاريخ وكتابته بنوايا حسنة وأن لا نجيره على حتمية لا يطيقها. ولا نوقف مده الدائم لأن التاريخ لا يقف مادام الوعي أساس حركته والجموع أساس فعله .

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة