أكدت المبعوثة الأممية هانا تيتيه أن محاسبة المسؤولين عن الهجمات ضد المدنيين في طرابلس أو عن عرقلة العملية السياسية أمر حاسم في تهيئة الظروف المناسبة للدفع بالعملية السياسية.
موقف دولي
وأوضحت تيتيه في تصريحات صحفية لمنصة الوسط أن ليبيا بحاجة إلى موقف دولي منسق لتجنب العوائق وأي إجراءات أحادية الجانب على الطريق إلى الانتخابات، مشددة على مواصلة حشد جميع الأطراف الفاعلة الدولية لدعم هذه العملية والعمل على بناء توافق لدعم ليبيا في المضي قدمًا نحو تعزيز الديمقراطية
وأضافت أن البعثة تعمل كميسر للعملية السياسية فقط، وليس كصانع قرار، مبينة أن ولاية البعثة لا تسمح لها من تلقاء نفسها باتخاذ إجراءات لتعيين أو إقالة الحكومات، مبينة أن هذه السلطة تقع على عاتق الشعب الليبي وحده، ويجب أن تأتي من خلال عملية سياسية بقيادة ليبية وبتيسير من الأمم المتحدة.
وقالت تيتيه إن اجتماع برلين الأخير بعث برسالة قوية بأن المجتمع الدولي يدعم حلاً بقيادة ليبية وهو مستعد لدعم مثل هذه المبادرة، مشيرا إلى استعداده للنظر في اتخاذ تدابير مناسبة، بما في ذلك فرض عقوبات، ضد أولئك الذين يعرقلون التقدم، وفقًا لقرارات مجلس الأمن.
وشجعت تيتيه على الابتعاد عن الإجراءات الأحادية والمزيد من الانقسامات، التي أثبتت في الماضي أنها تأتي بنتائج عكسية فقط، مشيرة إلى أن هذا هو الوقت الذي نحتاج فيه لتوحيد هذا البلد ومؤسساته، تحت حكومة واحدة ذات مؤسسات دولة قوية وموحدة وخاضعة للمساءلة.
خارطة طريق
وأضافت أنه سيتم تقديم خارطة الطريق التي نعمل على وضع اللمسات الأخيرة عليها إلى مجلس الأمن، الذي يمكن أن تعزز مصادقته عليها شرعيتها، مشيرة إلى أن بناء التوافق يستغرق وقتًا وأنهم لا يعملون لتأمين اتفاق نخبوي، بل لضمان استشارة أكبر عدد ممكن من الشعب الليبي ودعمهم لخارطة الطريق.
وأكدت تيتيه أنهم لم يتأخروا في طرح خارطة الطريق بل أنهم يتوخون الحذر، وهو ليس ناتجًا عن تقاعس، بل عن ضرورة ضمان الشرعية والشمول والاستدامة، منوهة إلى إدراكهم طبيعة الوضع الأمني المتقلب في العاصمة والمناطق الغربية ولا نريد أن تتحول هذه العملية إلى شرارة لمزيد من العنف.
وأشارت إلى أنهم يوازنون جميع العوامل لضمان التقدم في المسار السياسي مع العمل أيضًا مع لجنة الهدنة للحفاظ على الهدوء ومنع أي تصعيد إضافي.
مضيفة أنه إذا تم الحصول على قبول مختلف الأطراف على خارطة طريق قبل أغسطس، فسيتقدمون بطلب تقديم موعد اجتماع مجلس الأمن للإعلان عنها وإطلاقها.
ورأت أن تطوير العملية السياسية ينطوي على مشاورات مكثفة حول مقترحات اللجنة الاستشارية لضمان سماع جميع الأصوات وتحقيق التوازن في مشهد سياسي متشظي، متوقعة أن يستغرق الحصول على توافق من الأطراف الفاعلة الرئيسية بعض الوقت، خاصة بالنظر إلى الاختلافات الواسعة حول الخيار الأفضل.
الانتخابات
وأوضحت تيتيه أن الانتخابات في أجزاء أخرى من العالم عندما لم يتم تنظيمها وإدارتها بشكل جيد كانت محركاً للاضطرابات الاجتماعية والصراع، مضيفة أنها ليست غاية بل وسيلة في حد ذاتها ولهذا انخرطت البعثة بنشاط عبر مسارات متعددة لدعم انتقال ليبيا نحو السلام والوحدة والحكم الديمقراطي.
وأكدت أنهم عملوا مع المنظمات الدولية والإقليمية لضمان موقف أكثر توحيدًا ودعمًا من الأطراف الدولية الرئيسية للدفع بحل سياسي، وأنهم يهدفون لتقديم خارطة طريق محددة زمنياً وعملية وشاملة يمكن أن تكون أساساً للإصلاحات التشريعية والمؤسسية التي تفضي إلى الانتخابات.
وأضافت أن خارطة الطريق تحدد الخطوات اللازمة لتفعيل الخيار المفضل لغالبية الليبيين في أقصر وقت ممكن، دون المساس بالإجراءات الرئيسية اللازمة لإجراء انتخابات ذات مصداقية وشاملة، وتشمل آليات للرصد والتنفيذ، بدعم دولي.
وقالت تيتيه إنه لكي تنجح هذه العملية يجب على الأطراف السياسية إظهار الإرادة السياسية للالتزام بالمشاركة في الانتخابات، بأي ترتيب يتم الاتفاق عليه في النهاية،
وأكدت التسرع في العملية السياسية وخارطة الطريق يهدد بتقويض شرعيتها واستدامتها، كما يجب أن تكون خارطة الطريق نتاج عملية تشاورية شاملة وذات مغزى، وأن تُبني على التوافق حول سبل المضي قدماً نحو إجراء الانتخابات وتوحيد المؤسسات.
وأشارت إلى أن تحريك العملية السياسية بات أمرا ملحًا كما نتفهم تماما الإحباط الذي عبر عنه الكثير من الليبيين.
الاستقرار المالي
إن القرارات المالية أحادية الجانب تخاطر بتفاقم التوترات وزيادة تقويض الاستقرار المالي سياق مؤسسات منقسمة، وغياب ميزانية موحدة، في وقت يعاني فيه الليبيون من عدم وجود اتفاق على الإنفاق وميزانية موحدة، مما أدى إلى عدم كفاية تخصيص الموارد للبلديات والوكالات الحكومية.
ونبهت إلى العواقب اليومية للإنفاق غير المنضبط مثل تآكل قيمة العملة وتآكل القوة الشرائية للأفراد الذين لا يتلقون دخلهم إلا بالدينار الليبي، مشجعة على تبني حوكمة خاضعة للمساءلة والشفافية والتنسيق وتوخي المسؤولية المالية والنقدية.
وأضافت أن المصالح الراسخة والفترات الانتقالية المطولة أدت إلى خلق اقتصاد سياسي قائم على الجمود
توزيع الموارد
وأكدت المبعوثة الأممية ضرورة أن تؤدي أي تسوية سياسية إلى تخصيص عادل للموارد، مما سيعزز التنمية المستدامة وهذا يتطلب أيضًا رقابة مؤسسية قوية، مضيفة أن التوزيع العادل والشفاف والمنصف للثروة الوطنية أمر محوري لتحقيق الحكم الرشيد وتعزيز السلام والازدهار والاستقرار في ليبيا.
كما أشارت إلى أن ضمان التقدم في التنمية التي تلبي الاحتياجات الأساسية للشعب أمر حاسم، منوهة إلى أن التنمية العادلة والمستدامة ضرورية لتلبية احتياجات الناس والمساعدة في تحقيق تطلعاتهم.
وأضافت أن الحكم الرشيد الشامل والضامن للمساءلة يعني حكومة تستمع إلى احتياجات الناس وتفهمها وتستخدم السياسات العامة والتشريعات لتلبيتها، مؤكدة أن هذا هو الطريق إلى ازدهار يشمل الجميع ولا يقتصر على قلة، ويبدأ بميزانية وطنية موحدة وحوكمة مالية شفافة.
وأكدت المبعوثة الأممية أن الحوكمة الرشيدة والإدارة المالية العامة الفعالة ستساعد ليبيا في تقديم حجة قوية لرفع التجميد عن أصولها الدولية لدعم نمو وتنمية البلاد.
وأعربت تيتيه عن دعم البعثة توحيد واستقلالية هيئات الرقابة مثل ديوان المحاسبة؛ لضمان المساءلة.