حقوق الإنسان في ليبيا ملف شائك يعود إلى الواجهة بين الحين والآخر عندما تقع انتهاكات واضحة تثير الرأي العام.
ناشط سياسي
آخر الانتهاكات كانت اختطاف الناشط السياسي والمدون عبد المنعم المريمي من سيارته أمام أطفاله في مدينة صرمان حسبما أعلنت المنظمة العربية لحقوق الإنسان بليبيا التي قالت إن ملابسات اختفائه، وحقيقة تعرضه في وقت سابق لتهديات هاتفية، ترجح بأن اختفاءه ناتج عن جريمة خطف متعمدة.
وطالبت المنظمة بالإفراج الفوري عن الناشط وضمان عودته سالماً لمتابعة نشاطاته، وجددت استنكارها لجميع عمليات الخطف التي تستهدف المدنيين والنشطاء والعاملين في المجال المدني دون أي استثناء.
وشددت المنظمة على أن ليبيا تعبش حالة انعدام القانون والفوضى على نطاق واسع بسبب عمليات الاختطاف الروتينية، بينما تشدد الجماعات المسلحة من قبضتها على البلاد .
أعمال إجرامية
من جانبها أكدت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان أنّ هذه الواقعة تُبرهن على حقيقة الغياب التام لضبط الأفعال ومقاومة الأعمال الإجرامية، وتُبرهن على سُوء الأوضاع الأمنية في العاصمة طرابلس، وعدم قدرة المواطنين في ممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي وإنساني بدون ضغوط وترهيب وتهديد من الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون، ناهيك عنّ كوّن هذه الممارسات الخارجة عن القانون والشرعيّة الإجرائية تُمثّل إنتهاكاً جسيما لضمانات حماية حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير وحق التظاهر والتجمع السلمي، والتي يكفلها الأعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
وحملت المُؤسسة، الخاطفين وكذلك حكومة الوحدة الوطنية المسؤولية القانونية الكاملة حيال سلامته الشخصية وطالبت الخاطفين بإطلاق سراحه فوراً دونما أي قيد أو شرط كما حملت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية، المسؤولية القانونية الكاملة أيضآ حيال هذه الخروقات الأمنية، وعدم الإيفاء بواجبتها والتزاماتها في ضمان أمن وحماية وسلامة المواطنين والمقيمين على الأراضي الليبية، بكونها الجهة المسؤوله بشكلٍ مباشر على ضمان أمن وسلامة المجتمع ومقاومة الجريمة ومنع وقوعها.
مظاهر الانتهاكات
وفي المجمل يمكن القول إن حقوق الإنسان في ليبيا تشهد تدهورًا ملحوظًا في العديد من الجوانب، خاصة في ظل عدم الاستقرار السياسي والنزاعات المسلحة. تشمل الانتهاكات: الاعتقالات التعسفية، التعذيب، العنف الجنسي، والقيود على حرية التعبير.
وفي يونيو 2025 قال المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، إنه مصدوم إزاء ما تم الكشف عنه من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في مرافق الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية التي تديرها قوة جهاز دعم الاستقرار في طرابلس، داعياً إلى إغلاق هذه المواقع وإجراء تحقيقات فورية ومستقلة ونزيهة وشفافة من قبل السلطات الليبية.
وقال تورك إن الاكتشافات تؤكد النتائج التي توصلت إليها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وبعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق السابقة، فضلاً عن روايات شهود عيان مختلفة، بشأن مدى الانتهاكات المرتكبة فيما يتصل بها، بما في ذلك التعذيب والاختفاء القسري.
اشتباكات
وأضاف أن “مخاوفنا الأسوأ تتأكد الآن فقد تم اكتشاف عشرات الجثث في هذه المواقع، إلى جانب اكتشاف أدوات يشتبه في أنها تستخدم للتعذيب والإساءة، وأدلة محتملة على عمليات قتل خارج نطاق القضاء”.
وأشار المفوض السامي إلى إعلان النائب العام تشكيل لجنتين للتحقيق في انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان التي ارتكبتها جهات أمنية تابعة للدولة والجماعات المرتبطة بها خلال الاشتباكات التي وقعت في طرابلس كما دعا السلطات إلى ضمان التحقيق الفوري والشامل في مقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار عبد الغني الكيكلي وفي الانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبتها جميع الجهات، بغض النظر عن انتماءاتها، عبر آليات مستقلة ونزيهة بهدف ضمان المساءلة الكاملة وحقوق الضحايا في الحقيقة والعدالة والتعويض.
البعثة الأممية
وبمناسبة يوم حقوق الإنسان، في ديسمبر 2024 سلطت بعثة الأمم المُتحدة للدعمِ في ليبيا الضوء على القوةِ التحويليةِ لحقوق الإنسان في تشكيل مُستقبل ليبيا حيث أن حقوق الإنسان ليست مُجرد مُثُل عُليا، بل هي أيضا أدوات مهمة لمنع النزاعات، وحماية الأرواح، وبناء مُستقبل مُستقِر وشامِل.
وقالت نائبة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني خوري إن “حقوق الإنسان يجب أن تظل محورية في العملية السياسية والانتقال الديمقراطي في ليبيا”. ودعت إلى “الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين تعسُفيا وإجراء تحقيقاتٍ شفافةٍ ومُستقلةٍ في مثل هذه الحالات”.
وشددت البعثة الأممية على أن الوصول إلى العدالة وسيادة القانون والمساءلة وحماية الفئات الأكثرِ ضِعفا ضرورية لاستعادة الثقة في مؤسسات الدولة وأضافت ستظل آفاق السلام والتنمية المستدامين غير مؤكدة دون معالجة انتهاكات حقوق الإنسان وضمان المُشاركةِ الهادفةِ لجميع أنحاء ليبيا لتشكيل مُستقبل البلاد.
انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا أزمة متعددة الأطراف حيث يتداخل فيها النفوذ السياسي مع قوة السلاح بل إن بعض الانتهاكات تأخذ أبعادا مادية لذلك فإن الحد من تلك التجاوزات يتطلب المساءلة الصارمة لمرتكبيها بهدف استعادة الحقوق ومنع تكرار الجرائم.