عاد الفنان المصري القدير يحيى الفخراني إلى تقديم واحدة من أعظم كلاسيكيات المسرح العالمي، مسرحية “الملك لير” للشاعر الإنجليزي وليام شكسبير، وذلك للمرة الثالثة خلال مشواره الفني الذي يمتد لأكثر من ستين عام.
وانطلقت العروض مساء الثلاثاء على خشبة “المسرح القومي” بالعاصمة المصرية القاهرة، بإخراج الفنان شادي سرور، وسط اهتمام جماهيري واسع، حيث أعلن المسرح عن نفاد تذاكر الأسبوع الأول من العروض التي تستمر بين 8 و13 يوليو، مع تحديد أربعة عروض أسبوعية بدءًا من الأسبوع الثاني.
ويُجسّد الفخراني دور الملك لير، وهو الدور الذي سبق أن قدمه بنسختين سابقتين عامي 2001 و2019، مؤكد في تصريحات صحفية أن النص يكشف عن طبقات جديدة في كل مرة يُعاد تقديمه، واصفاً وقوفه على خشبة المسرح القومي بأنه يحمل طابع خاص من الفخر والمسؤولية.
وخلال مؤتمر صحفي عُقد نهاية يونيو الماضي للإعلان عن بدء العروض، أشار الفخراني إلى تقاربه العمري مع شخصية الملك لير الذي يتجاوز الثمانين عام، معتبر أن هذا التقارب يُضفي مزيداً من العمق الإنساني على الأداء.
ويشارك إلى جانب الفخراني في بطولة العمل نخبة من الفنانين، من بينهم طارق دسوقي، حسن يوسف، أحمد عثمان، تامر الكاشف، أمل عبد الله، إيمان رجائي، لقاء علي، بسمة دويدار، طارق شرف، محمد العزايزي، عادل خلف، ومحمد حسن.
تُعد “الملك لير” من أبرز المسرحيات التراجيدية في تاريخ الأدب المسرحي، كتبها شكسبير عام 1605، ونُشرت في 1608، وقد عُرضت لأول مرة سنة 1606، تدور أحداثها في بريطانيا القديمة، حيث يقرر الملك العجوز لير تقسيم مملكته بين بناته الثلاث، لكنه يُخطئ في تقدير محبتهن له، ما يقوده إلى مأساة كبرى.
يعتمد لير في قراره على تعبير كل ابنة عن حبها له، فتفوز البنتان الكبريان ريغان وغونريل بحصّة الأسد بعد مدحهما المبالغ فيه، بينما تُرفض كورديليا الصغرى لصراحتها البسيطة، رغم أنها الأكثر وفاء، يؤدي هذا القرار إلى سلسلة من الخيانات والانهيارات التي تُفقد الملك مملكته وعقله، قبل أن تلعب كورديليا دور محوري في محاولات إنقاذه، لكنها تُقابل بمصير مأساوي هي الأخرى.
بدأ الفنان القدير يحيى الفخراني رحلته مع مسرحية “الملك لير” منذ ما يقارب الـ25 عامًا، أي ما يعادل ربع قرن من الزمن، حيث عُرضت لأول مرة عام 2001 على خشبة المسرح القومي، وحققت حينها نجاحًا جماهيريًا ونقديًا كبيرًا أعاد المسرح الكلاسيكي إلى دائرة الضوء.
وقدم الفخراني من خلالها واحدة من أعمق أدواره المسرحية، مُجسدًا مأساة الملك الذي خسر عرشه وعائلته بسبب غروره وضعف بصيرته. ومع مرور السنوات، أعاد الفخراني تقديم العمل برؤية متجددة في أكثر من موسم، كان آخرها نسخة حديثة أعيد عرضها للجمهور محققة حضورًا لافتًا، لتظل “الملك لير” علامة بارزة في مسيرته المسرحية الطويلة، ودليلًا على شغفه بفن المسرح وإصراره على تقديم أعمال كلاسيكية خالدة بروح معاصرة.
