رصدت المنصة الليبية نقلاً عن قناة «فرانس 24» – أن محكمة تونسية مختصة في قضايا الإرهاب أصدرت حكماً بالسجن لمدة 22 عاماً بحق الخطيب الإدريسي، الذي يُوصف بزعيم التيار السلفي في تونس، والموقوف منذ عام 2023 بتهمة إشاعة الفكر المتطرف والتحريض على الجهاد والقتال في صفوف الجماعات المتشددة، إضافة إلى تنظيم عمليات تسفير مقاتلين إلى سوريا للقتال ضد نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.
وفي مداخلة مع القناة، أوضح الدكتور عبيد الخليفي، المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، أن السلطات السياسية في تونس تتجه نحو إغلاق ملفات حساسة، سواء كانت ذات طابع سياسي أو متعلقة بالإرهاب، وذلك من خلال إصدار أحكام ابتدائية قبل الانتقال إلى الطور الاستئنافي بعد العطلة القضائية، بهدف الوصول إلى أحكام باتّة في هذه الملفات.
واعتبر الخليفي أن قضية الخطيب الإدريسي تكتسب أهمية خاصة، نظراً لمكانة الرجل داخل التيار السلفي الجهادي في تونس، إذ يُعد من الشخصيات المرجعية التي يُنظر إليها كـ«الوازع الأول» أو «الفقيه» الذي شرّع وحرّض على الجهاد، خاصة في سوريا وليبيا. وأشار إلى أن الحركات الإسلامية الجهادية تبحث دائماً عن رموز دينية ومرجعيات شرعية لتبرير تحركاتها، وكان الإدريسي يحظى بمنزلة كبيرة داخل هذا التيار رغم أنه لم يكن له ظهور إعلامي ملحوظ، ولا خطب أو مؤلفات منشورة سوى بعض الأوراق المحدودة جداً.
وبيّن الخليفي أن الحكم شمل أيضاً عدداً من المتهمين الآخرين، حيث تضمن الملف القضائي خمسة أفراد بينهم الإدريسي، بينما اعتُبر ثلاثة آخرون في عداد الفارين بحسب وسائل إعلام محلية. وركّزت القضية على محاولة إثبات الصلة بين الإدريسي وملفات التسفير نحو سوريا، فضلاً عن علاقته بالتيار السلفي الجهادي الذي كان يقوده أبو عياض في تونس. وأشار الخليفي إلى وجود خلاف داخل هذا التيار بشأن اعتبار تونس «أرض جهاد» أم «أرض دعوة»، إلا أن الثابت في القضية هو ارتباط الإدريسي بعمليات التسفير ودوره في إصدار التراخيص الشرعية للقتال في سوريا.
واعتبر الخليفي أن الملف لا يقتصر على الجوانب القضائية فحسب، بل يرتبط أيضاً بأبعاد إقليمية ودولية، إذ ظل ملف التسفير من تونس إلى سوريا خلال السنوات الماضية محل جدل واسع. وأكد أن السلطات القضائية سعت من خلال هذا الحكم إلى حسم المسؤولية الفردية للمتورطين المباشرين، دون التطرق إلى الجهات الإقليمية أو الدولية التي قد تكون لعبت دوراً في هذا الملف.