امجاور اغريبيل
لعنة أصابت المدينة، مرض لا شفاء منه ولا دواء له ، استعصى علاجه على الكهنة والسحرة والمشعوذين. مرض يفتك بالجميع، ويموت من يصاب به في مدة قصيرة لا تتجاوز أيامًا معدودة. ولشدة فتكه بمرضاه، أطلق عليه الناس اسم الشرس أو الخبيث.
جاب الله أحد ضحايا هذا المرض الذي استنزف مدخراته وكل ما يملك بعد أن باع سيارته القديمة، ولجأ إلى الاقتراض من المصارف رغم تحذير أصدقائه له من التعامل بالفائدة، فإن أموال الربا نزعت البركة منها و لا قدرة لها على الشفاء .
جمع كل ما يملك، وامتثالاً لنصائح أقاربه وجيرانه الذين نصحوه بالبحث عن العلاج في مدينة أخرى يُقال إن سحرتها وكهانها على اتصال بعوالم وقوى غيبية أخرى لا نعرفها في مدينتنا التي توقف كهنتها منذ زمن طويل عن التواصل مع العالم الخارجي، فقلت معرفتهم وقدراتهم على شفاء المرضى .
لم يمكث جاب الله طويلاً في المدينة المجاورة، فقد نفدت كل أمواله دون أن يشفى لا هو ولا زوجته من المرض اللعين. وفيما كان يعبر إحدى الطرق في طريق عودته إلى مدينته، توقف عند عجوز غجرية تقرأ الكف وتتنبأ بالغيب.
سألته: ما الذي أتى بك إلى هنا؟ لماذا جئت تبحث عن الشفاء في مدينتنا وتركت مدينتك المباركة التي فيها الشفاء من كل مرض؟ ليس هناك من مرض إلا ولديكم في أرضكم نبتة تشفي منه.
فقال جاب الله والدهشة تعلو وجهه: حتى هذا المرض الخبيث الشرس الذي يفتك بنا؟
أجابت العجوز: نعم يا ولدي، حتى هذا الشرس، هناك لديكم نبتة تشفي منه اسمها الشيح !!!! تجدونها على سفوح جبلكم الذي ارتوى بدماء الشهداء.
عاد جاب الله إلى مدينته على وجه السرعة للبحث عن نبتة الشيح، لكن كلام الغجرية كان أسرع منه في الوصول إلى مدينته، ليجد جاب الله أن الناس قد سبقوه إلى الجبل بحثًا عن الشيح… وصل جاب الله متأخرًا ولم يمنحه المرض اللعين أية فرصة للحصول على الشيح… مات على سفوح الجبل بعد أن منح مدينته الحياة.