مجد العماري
في مدينة تغفو على أوجاعها، حيث تتراقص الأشباح في وضح النهار، يعيش “علاء” ، رسام مرهق يحاول أن يمسك بفرشاته ألوان الحياة، لكنها تخذله في كل مرة. كان قلبه ينبض بحب “سلمى” ، تلك الفتاة التي كانت تقرأ عينيه ككتاب مفتوح، لكنها الآن تحدق في الفراغ، تحدثه عن سماء بعيدة، عن أحلام مشتركة لم تتحقق.
كان علاء يستمع إليها بصمت، يحاول أن يفهم ما الذي تغير، ما الذي جعلها تنظر إليه كغريب. كان يعلم أنها تحبه، لكن كلماتها كانت ترسم بينهما هوة عميقة. كان قلبه يتمزق كلما سمعها تتحدث عن ذلك “الشخص” الذي يجب أن يكون، عن تلك الصورة المثالية التي رسمتها في ذهنها.
في أحد الأيام، بينما كان علاء يرسم لوحة لسلمى، ظهرت فجأة بقعة غريبة على اللوحة. حاول أن يزيلها، لكنها كانت تكبر وتنتشر، حتى غطت اللوحة بأكملها. نظر علاء إلى سلمى، فرأى نظرة حزينة في عينيها.
“هذا ما أصبحت عليه يا علاء” ، قالت سلمى بصوت خافت. “أنت لم تعد الشخص الذي أحببته.”
شعر علاء باليأس. حاول أن يغير من نفسه، أن يصبح “ذلك الشخص” الذي تريده سلمى، لكنه كان يشعر بأنه يفقد جزءًا من روحه في كل مرة. كان يحاول أن يمسك بتلك السعادة التي كانت بين يديه، لكنها كانت تنزلق منه كحبات الرمل.
في ليلة من الليالي، بينما كان علاء جالساً في غرفته، سمع صوتًا غريبًا. نظر حوله، فلم يرَ شيئًا. لكن الصوت كان يزداد وضوحًا، حتى أدرك أنه قادم من اللوحة التي رسمها لسلمى.
اقترب علاء من اللوحة، فرأى أن البقعة التي كانت عليها قد تحولت إلى بوابة. فتحت البوابة، ودخل منها صوت سلمى.
“إلى أين أنت ذاهبة؟” ، سأل علاء.
“إلى السماء التي حدثتك عنها” ، أجابت سلمى. “هناك سأجد نفسي، سأجد الشخص الذي أستحقه.”
“ولكن ماذا عني؟” ، سأل علاء. “ماذا عن حبنا؟”
“حبك كان جميلًا” ، قالت سلمى. “لكنه لم يكن كافيًا.”
اختفت سلمى في البوابة، وأُغلقت خلفها. بقي علاء وحيدًا في غرفته، يحمل في قلبه جرحًا لن يندمل
