حذّرت الأمم المتحدة من تفاقم الوضع الإنساني في جنوب تشاد نتيجة تصاعد النزاعات المجتمعية، والفيضانات العنيفة المصحوبة برياح قوية، إلى جانب النقص الحاد في التمويل الدولي وتجميد الدعم الأمريكي، ما أدى إلى تقليص كبير في الاستجابة الإنسانية في المنطقة.
ووفقًا لتقرير صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA)، فقد بلغ عدد السكان المتأثرين في الجنوب التشادي أكثر من 3.3 مليون شخص، بينما يُتوقع أن يعاني 1.1 مليون منهم من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة 3 إلى 5) خلال موسم الشح الحالي، بحسب “الإطار الموحد” لشهر مارس 2025.


ضحايا ونزوح بسبب الصراعات المجتمعية
أشار التقرير إلى أن اشتباكات دامية اندلعت يوم 14 مايو في “مانداكاو” (محافظة لوغون الغربية) بين الرعاة والمزارعين، نتيجة نزاع على الأراضي، أسفرت عن مقتل 42 شخصًا، وإصابة 6 آخرين بجروح خطيرة، إضافة إلى حرق 162 منزلاً ونزوح 4,000 شخص إلى “أوريغوميل” و500 آخرين إلى “كيوني”.
وفي 19 يونيو، هاجمت مجموعة مسلحة من الرعاة قرية “أوريغوميل” التابعة لمقاطعة “كيوني” في “مايو كيبي أوست”، والتي كانت تأوي آلاف النازحين من مانداكاو، مما أسفر عن مقتل 18 شخصًا، وإصابة 17 آخرين، وتدمير المنازل والممتلكات.
الحكومة التشادية أعلنت تقديم 700 حزمة مساعدات غذائية وغير غذائية للمتضررين في محاولة لتخفيف آثار هذه الكوارث.
فيضانات مدمرة وآلاف المشردين
تسببت الفيضانات التي اجتاحت جنوب تشاد خلال عام 2024 في تضرر أكثر من مليون شخص، وفاقمت من حدة انعدام الأمن الغذائي، خصوصًا في الولايات الجنوبية السبع. كما أُصدر تحذير من مخاطر الفيضانات في قريتي “بيسادا” و”بيدايا” بسبب ارتفاع منسوب نهر ماندول، مهددًا بعزل أكثر من 2,000 أسرة وتعطيل النشاط الزراعي.
وأدت الأمطار العنيفة المصحوبة بالرياح إلى وفاة 10 أشخاص، وإصابة أكثر من 200 آخرين، وانهيار نحو 500 مأوى، لاسيما في محافظة ماندول.
وفي حادثة منفصلة يوم 25 مايو، تسببت عاصفة مطرية في بلدة “بيكيمبا” في ماندول الغربي بتدمير 87 منزلًا، ووفاة شخص، وإصابة 24 آخرين.
كما انهار مبنى مدرسي في بلدة “بالا” يوم 3 يونيو، ما أدى إلى وفاة 5 أفراد وإصابة 41 آخرين، من بينهم 28 إصابة خطيرة، في أسوأ كارثة انهيار مبنى مدرسي تشهدها البلاد، الأمر الذي استدعى تدخلاً عاجلاً من وزارة التعليم واليونيسف.
التمويل يتراجع والبرامج تغلق
أدى تجميد التمويل الأمريكي ونقص الدعم الدولي إلى تعليق أو إغلاق عدد من برامج الإغاثة بين ديسمبر 2024 ومايو 2025. فقد أوقفت عدة منظمات دولية عملياتها في “غوري”، بما في ذلك وكالات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية وطنية ودولية.
ومن المرتقب أن تغلق إحدى الوكالات الأممية مكاتبها الفرعية في “مارو” و”مويصالا”، مما سيؤثر على عشرات الموظفين المحليين، وينهي التعاون مع خمسة من أصل سبعة شركاء تنفيذ تقليديين بحلول نهاية يونيو.
الآثار المباشرة على اللاجئين
تأتي هذه التطورات بينما تواجه مخيمات اللاجئين ضغطًا كبيرًا، حيث يعيش في “مارو” نحو 37,000 لاجئ، وفي “مويصالا” 17,000 لاجئ، وفي “غوري” 67,000 لاجئ. ويُتوقع أن يؤدي خفض الأنشطة الإنسانية إلى آثار خطيرة على هؤلاء السكان، خاصة في ظل عدم وجود بدائل سريعة للتدخل.
البيانات الرئيسية للوضع الإنساني في جنوب تشاد (2025)
وأشار التقرير الى إحصائيات الوضع الإنساني جنوب تشاد والمتمثلة في:
إجمالي عدد السكان: 8.2 مليون
الأشخاص المحتاجون للمساعدة: 2.1 مليون
اللاجئون: 126,618
النازحون داخليًا: 3,434
العائدون: 66,756
عدد الأشخاص الذين تم الوصول إليهم في الربع الأول: 316,991
سوء التغذية الحاد الوخيم: 170,643
سوء التغذية الحاد المعتدل: 251,726
النساء الحوامل والمرضعات المصابات بسوء تغذية: 118,953
المتأثرون بانعدام الأمن الغذائي (المرحلة 3 إلى 5): 1.1 مليون
أولويات الاستجابة الإنسانية
دعت الأمم المتحدة إلى ضرورة تعزيز الأمن في مناطق “دوجي” و”نانايي” للحد من تجدد العنف، وتوفير مساعدات عاجلة غذائية وغير غذائية للنازحين داخليًا،ودعم قدرات المجتمعات المحلية والمؤسسات الحكومية تدريجيًا، الى جانب تعزيز نظم الإنذار المبكر لمواجهة الكوارث الطبيعية، خاصة الفيضانات وتشجيع حلول مستدامة تقلل من اعتماد السكان على المساعدات الإنسانية والانتقال من الاستجابة الطارئة إلى استراتيجيات بناء الصمود.