أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية على عدد كبير من دول العالم، ولم تكن الدول العربية استثناءً من هذه الإجراءات. فقد جاءت الرسوم المفروضة على بعض الدول العربية، مثل العراق والجزائر وليبيا، من بين الأعلى عالميًا، حيث فرضت الولايات المتحدة رسوماً بنسبة 35% على العراق، و30% على كل من الجزائر وليبيا.
العراق: تأثير محدود بسبب استثناء النفط
يرى الدكتور عبد الرحمن المشهداني، أستاذ التمويل الدولي في الجامعة العراقية، أن هذه الرسوم لن تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العراقي. وأوضح في حديث لـCNN الاقتصادية أن “النفط، الذي يمثل أكثر من 95% من الصادرات العراقية إلى الولايات المتحدة، مستثنى من هذه الرسوم، وبالتالي لن تكون هناك تداعيات كبيرة”.
وأشار المشهداني إلى أن حجم الصادرات العراقية إلى أميركا في عام 2024 بلغ 7.4 مليار دولار، منها حوالي 7 مليارات دولار صادرات نفطية، بينما توزعت الـ400 مليون المتبقية على قطاعات أخرى ستخضع للرسوم الجمركية.
كما استبعد أن تؤثر الرسوم على المنتجات غير النفطية بشكل كبير، كونها موجهة في الغالب إلى الجالية العراقية في أميركا، والتي تقدر بنحو مليوني شخص، قائلاً: “هذه الجالية تشتري هذه المنتجات بدافع الحنين للوطن، ولذلك لن ينخفض الطلب عليها كثيرًا”.
وأشاد المشهداني بجهود الحكومة العراقية في تنويع الأسواق النفطية، حيث تسعى بغداد لتوسيع صادراتها إلى جنوب شرق آسيا وأوروبا، رغم أن النفط لا يشمله القرار الجمركي.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين العراق وأميركا في 2024 حوالي 9 مليارات دولار، مع فائض تجاري لصالح العراق قدره 5.7 مليار دولار.
كما أشار المشهداني إلى أن دولاً عربية أخرى، مثل تونس، قد تكون أكثر تضرراً من الرسوم الأميركية، خاصة في قطاع الزيتون، حيث فرضت الولايات المتحدة رسوماً بنسبة 25% على الصادرات التونسية.
ليبيا: التأثير محدود مع فرص تنويع الأسواق
أما ليبيا، فقد أوضح الدكتور سليمان الشحومي، أستاذ التمويل ومؤسس سوق المال الليبي، أن التبادل التجاري بينها وبين أميركا يتركز أساسًا في قطاع النفط، وبالتالي فإن تأثير الرسوم الجمركية سيكون محدودًا.
وأضاف الشحومي أن حجم التبادل التجاري بين البلدين ليس مرتفعًا، ويبلغ حوالي ملياري دولار سنويًا، مع فائض تجاري لصالح ليبيا يقدّر بنحو 900 مليون دولار.
ورأى الشحومي أن ليبيا قادرة على تنويع أسواقها النفطية بسهولة، مستهدفة أوروبا، جنوب شرق آسيا، والصين. كما أشار إلى وجود اهتمام من شركات أميركية كبرى بالاستثمار في ليبيا، ما قد يفتح باباً للتفاوض بشأن الرسوم الجمركية في إطار تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وأوضح أن العلاقات التجارية بين ليبيا وأميركا لطالما كانت متذبذبة، حيث تأثرت لفترات طويلة بالحظر الاقتصادي خلال الثمانينيات والتسعينيات، قبل أن تشهد تحسناً لاحقاً. وقد تمحور التبادل التجاري بعد ذلك حول صادرات النفط الليبي وواردات السيارات الأميركية.
وأكد الشحومي أن استقرار ليبيا وإنهاء حالة الانقسام السياسي يمثلان شرطًا أساسيًا لتحقيق الانتعاش الاقتصادي واستعادة العلاقات التجارية بشكل فعّال.
الجزائر: صادرات نفطية تحصن الاقتصاد
من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي عبد القادر سليماني أن الجزائر لن تتأثر بشكل كبير بالرسوم الأميركية، نظراً لاعتمادها الكبير على تصدير المواد الأولية، وعلى رأسها النفط، إلى الولايات المتحدة.
وأضاف سليماني أن “90% من صادرات الجزائر لأميركا هي من المنتجات النفطية المستثناة من الرسوم، وبالتالي فإن التأثير سيكون محدوداً”، مشيرًا إلى أن بقية الصادرات تشمل مشتقات بتروكيميائية، إسمنت، حديد، مطاط، وبعض المنتجات الزراعية.
وبيّن أن حجم التبادل التجاري بين البلدين ليس كبيرًا، إذ بلغ نحو 3.5 إلى 4 مليارات دولار عام 2024، مع فائض تجاري لصالح الجزائر بحوالي 1.4 مليار دولار.
وأشار سليماني إلى أن القطاعات التي قد تتأثر تشمل الإسمنت، الحديد، ومواد البناء، داعياً إلى البحث عن أسواق جديدة لتلك المنتجات، خاصة في أوروبا الشرقية وأوروبا الوسطى. كما لفت إلى زيارة الرئيس عبد المجيد تبون لإيطاليا ضمن خطة استراتيجية لزيادة صادرات النفط والغاز إلى أوروبا، مروراً بسلوفينيا والمجر وربما ألمانيا.
