في سياق تصاعد العنف الخطابي في السودان، دعا مركز كادن للعدالة وحقوق الإنسان إلى ضرورة إصدار تشريع وطني واضح يجرّم خطاب الكراهية، وذلك في تقريره الجديد الصادر تحت عنوان “الطلقة الأولى”، والذي يرصد فيه تنامي هذا الخطاب خلال الحرب المستمرة منذ أبريل 2023. التقرير شدد على أهمية توسيع ولاية الآليات الدولية، بما في ذلك بعثة تقصي الحقائق والمحكمة الجنائية الدولية، لتشمل خطاب الكراهية ضمن منظومة الجرائم المستمرة التي تؤجج النزاع وتعمق الانقسامات المجتمعية.
كما أوصى التقرير بتمكين منظمات المجتمع المدني من أداء دورها في رصد الانتهاكات المرتبطة بخطاب الكراهية، وتكثيف جهود التوعية بمخاطره، مع التأكيد على ضرورة إلزام منصات التواصل الاجتماعي بتطوير خوارزميات فعّالة لرصد المحتوى العدائي ومكافحته في السياق السوداني. التقرير حذر من تحول خطاب الكراهية إلى أداة خطيرة تغذي العنف وتشرعن التمييز، وتفتح الباب أمام انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
واستند التقرير إلى تحليل علمي لـ337 حالة منشورة علنًا خلال يونيو 2025 على منصات إكس (تويتر سابقًا)، فيسبوك، وتيك توك، باستخدام أدوات تحليل البيانات SPSS وNVivo، حيث كشف أن المنصات الرقمية باتت تشكل ساحة حرب موازية للصراع الميداني، تتكرر فيها أنماط التحريض والتخوين ونزع الإنسانية والدعوات الصريحة للقتل والإبادة. ورغم أن الخطاب الأخطر لم يتجاوز 105 حالات، إلا أنه سجل أعلى نسب التفاعل والمشاهدة، متجاوزًا 820 ألف مشاهدة.
وفيما سجلت منصة إكس العدد الأكبر من الحالات (145)، أظهرت منصة تيك توك تأثيرًا أكبر من حيث الانتشار، إذ جمعت أكثر من 737 ألف مشاهدة و80 ألف تفاعل عبر 66 حالة فقط، ما يعكس فعالية الفيديوهات القصيرة في جذب فئة الشباب وتسريع انتشار الكراهية.
وخلص التقرير إلى أن مواجهة خطاب الكراهية لم تعد مسؤولية أخلاقية فحسب، بل ضرورة قانونية وأمنية ومجتمعية، مؤكدًا أن أي سلام مستدام في السودان لا يمكن أن يتحقق دون كبح هذه اللغة المدمرة التي تحول الكلمات إلى رصاص، والخصومة السياسية إلى حرب وجودية تهدد وحدة البلاد واستقرارها.
