أعلنت حكومات مالي وبوركينا فاسو والنيجر التي تقودها مجالس عسكرية، عن خطط لإنشاء بنك استثماري إقليمي جديد، بتمويل من الإيرادات الضريبية الوطنية، في خطوة تهدف إلى تقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية وتعزيز السيطرة على أجنداتها التنموية.
وقال سيرج باليما، مستشار رئيس المجلس العسكري في بوركينا فاسو إبراهيم تراوري، إن كل دولة ستخصص نحو 5% من إيراداتها الضريبية السنوية لتمويل رأس مال البنك، الذي سيوجه لتمويل مشاريع تنموية في مجالات البنية التحتية والطاقة والزراعة.
ويعد هذا المشروع أحدث مبادرة اقتصادية مشتركة في إطار “تحالف دول الساحل” (AES)، الكيان السياسي والأمني الذي شكّلته الدول الثلاث بعد انسحابها من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) مطلع عام 2025، احتجاجاً على ما اعتبرته تقصيراً في دعمها لمواجهة التمردات المسلحة في المنطقة.
وتعكس الخطوة توجهاً متصاعداً نحو “قومية الموارد” والاعتماد على الذات، حيث تعمل الدول الثلاث بالفعل على مراجعة قوانين الموارد الطبيعية وزيادة مشاركة الدولة في الصناعات الاستخراجية، بل وذهبت بعضها إلى تأميم عمليات تعدين لم تستوفِ المعايير الجديدة.
وجاء هذا التوجه في سياق إعادة تموضع استراتيجي، تمثل في تقليص العلاقات مع فرنسا والولايات المتحدة، مقابل توسيع التعاون مع شركاء جدد من خارج المعسكر الغربي مثل روسيا وإيران وتركيا.
ويرى محللون أن البنك المقترح قد يشكّل أداة تمويل حيوية لمشاريع التنمية، لكنه يواجه تحديات تتعلق بالحوكمة والشفافية والاستدامة، في ظل أوضاع أمنية هشة وعقوبات اقتصادية مفروضة على بعض هذه الدول.
ورغم ذلك، فإن البعد الرمزي للمبادرة يحمل دلالة قوية، باعتبارها خطوة إضافية نحو ترسيخ ما تعتبره هذه الأنظمة “تحررًا من الهيمنة الخارجية وبناء سيادة وطنية واقتصادية مستقلة”.