أكدت الهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي أنها تتابع بقلق بالغ ما تم رصده من تسريب خطير لبيانات المواطنين الشخصية عبر منظومة توزيع أسطوانات غاز الطهي، التي تشرف عليها شركة البريقة لتسويق النفط.
واوضحت الهيئة أن البيانات المسربة تتضمن معلومات حساسة مثل الاسم الكامل، الرقم الوطني، رقم القيد، ورقم الهاتف الشخصي، وهو ما يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي.
استغلال البيانات
وقالت الهيئة إن هذا التسريب قد يفتح الباب أمام مخاطر كبيرة تشمل استغلال هذه البيانات في معاملات مالية أو إجرامية، وابتزاز الأفراد، وتعريضهم لأضرار واستهداف مباشر.
وقد اعتبرت الهيئة هذا التصرف إهمالا جسيما وانتهاكا صريحا للقوانين الليبية والتشريعات التي تحمي خصوصية المواطن.
حيث استشهدت بأحكام القانون رقم 4 لسنة 1990 الخاص بالنظام الوطني للمعلومات والتوثيق، والذي يمنع جمع أو نشر البيانات الشخصية بطرق غير قانونية، ويجعل من الاطلاع أو الإفشاء على هذه البيانات جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن والغرامة.
فتح تحقيق
وطالبت الهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي شركة البريقة بتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية الكاملة، والعمل على مراجعة نظام عرض بيانات المواطنين لمنع تفاقم الضرر المحتمل.
وناشدت الهيئة مكتب النائب العام والجهات القضائية بفتح تحقيق عاجل وواسع لتحديد المسؤوليات ومحاسبة كل من يثبت تورطه، سواء بالتقصير أو القصد في هذا التسريب الخطير.
وحذرت الهيئة وسائل الإعلام والمواطنين من إعادة نشر أو تداول أي من البيانات المسربة، مؤكدة أن المشاركة في ذلك تعد جريمة يعاقب عليها القانون وتزيد الضرر الواقع على المواطنين.
رد شركة البريقة
من جهتها، نفت شركة البريقة لتسويق النفط صحة ما أوردته الهيئة بشأن تسريب بيانات المواطنين عبر منظومة توزيع الغاز، مؤكدة في بيان رسمي التزامها الكامل بحماية سرية البيانات وفقًا للقوانين والتشريعات النافذة.
وأوضحت الشركة أنها اتخذت كافة الإجراءات الأمنية اللازمة لضمان حماية المنظومة من الاختراقات والهجمات السيبرانية، بما في ذلك تشفير البيانات واستخدام جدران الحماية ونظام مراقبة على مدار الساعة. وأكدت أن المنظومة تعمل بشكل مستقر وبدون أي تسريبات، واعتبرت أن ادعاءات الهيئة غير دقيقة ولا تستند إلى الواقع، مهددة باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لحفظ حقوقها.
محاولة التبرير وتأكيد وجود خلل
رداً على بيان شركة البريقة، أكدت الهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي أن رد الشركة جاء متأخرا ومحاولة للالتفاف على جوهر المشكلة، مشددة على أن الغاية لا تبرر الوسيلة التي تنتهك القوانين وتمس بخصوصية المواطنين.
وأشارت الهيئة إلى أن الشركة قامت بعد أكثر من عشرين ساعة من بيان الهيئة بتعديل عاجل في منظومة التوزيع، حيث أصبح الحصول على إيصال استلام أسطوانة الغاز يتطلب إدخال رقم القيد بدلا من رقم الحجز، ما يؤكد وجود ثغرة أمنية خطيرة كانت تعرض بيانات آلاف المواطنين للخطر.
وأكدت الهيئة أن الصمت الطويل للشركة لم يكن لدراسة الموقف، بل لترقيع الخلل قبل مواجهة الرأي العام، ما يزيد من مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية.
وطالبت الهيئة الجهات المختصة، ومنها مكتب النائب العام والهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات وجهاز المباحث الجنائية، بإجراء تحقيق جنائي رقمي في الواقعة لتحديد المسؤوليات بدقة. وشددت على أن بيانات المواطنين ثروة وطنية يجب حمايتها من أي انتهاك.
الاعتراف بالخطأ
في سياق متصل، زار مدير مكتب الإعلام بشركة البريقة مقر الهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي في طرابلس، حيث أكد أن التسريب كان نتيجة خطأ غير مقصود، وأن الشركة تعمل على اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمنع تكرار الحادث.
وجرى خلال اللقاء التفاهم على حذف البيانات المنشورة سابقا من قبل الهيئة، تطبيقًا لمبدأ الحد من الضرر، في ظل اعتراف الشركة بالخطأ الذي وقع وتعديلها آلية التعامل مع بيانات المواطنين بما يحفظ خصوصيتهم.
وأكد مسؤولون بالهيئة على أهمية حماية المعطيات الشخصية وعدم إتاحتها للنشر أو الاستغلال بما قد يضر بمصلحة صاحبها، مؤكدين استمرار الهيئة في مراقبة وحماية بيانات المواطنين بكل حزم ومسؤولية.
