في مشهد مأساوي هزّ العاصمة الجزائرية مساء أمس الجمعة، تحوّلت رحلة عادية لحافلة نقل المسافرين إلى كارثة، بعدما انحرفت وسقطت من أعلى جسر إلى مجرى واد الحراش بالمحمدية، مخلفة حصيلة ثقيلة بلغت 18 قتيلًا و13 جريحًا، بينهم حالتان في وضع حرج.
فبعد مرور حافلة فوق الجسر على خط تافورة – الرغاية (شرق العاصمة الجزائر) مساء أمس الجمعة، تعطلت خدمة الدوران ولم يتمكن الساق من التحكم بها فهوت مباشرة وعلى متنها 40 راكبا في أشهر وادٍ بالجزائر وهو وادي الحراش، وفق ما روى السائق نفسه الذي نجا رفقة قابض التذاكر.
وبمجرد وقوع الحادث، ألقى العشرات من الشباب أنفسهم في الوادي، رغم أنه ملوث، وراحوا ينقذون الركاب الواحد تلو الآخر، حيث تمكنوا من انتشال العديد منهم، غير أن 18 راكبا لقوا حتفهم غرقا.
الرائد نسيم برناوي، المكلف بالإعلام لدى الحماية المدنية، أوضح أن فرق الإنقاذ تدخلت على الساعة 17:45، مسخرةً 25 سيارة إسعاف، 16 غطاسًا، وأربعة زوارق نصف مطاطية، لانتشال الضحايا من المياه وإجلاء الجرحى.
المصابون تم نقلهم على وجه السرعة إلى المستشفى المحلي لتلقي الإسعافات، فيما أودعت جثامين الضحايا في مصلحة حفظ الجثث بالمؤسسة الصحية ذاتها.
ومازالت التحقيقات جارية لكشف ملابسات الحادث الذي ألقى بظلال من الحزن والأسى على سكان المنطقة .
تفاصيل الحادث
قال ناج من الحادث: لا أتذكر جيدا، إلا أن السائق وبمجرد أن فقد التحكم بالحافلة وكنا نسقط حتى صاح الله أكبر ثم قفز، في حين كنت واقفا في مقدمة الحافلة، وتمكنت من الخروج عبر النافذة، ليقوم المواطنون بمساعدتي على الوصول إلى البر”، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية.
بدوره قال أحد المنقذين: “لقد كنا نستخرج الواحد تلو الآخر، البعض كان حيا، آخرون لم نتمكن من إنقاذهم، لقد تم كل شيء بسرعة.. لقد كان هناك أطفال أيضا.. إنها مأساة حقيقية”.
بينما روى أحد شهود العيان أنه كان في طريقه إلى العمل، حين رأى الحادث فتوقف مباشرة في الوادي، وأخرج سيدة كانت ميتة.
ولاحقا أعلنت السلطات الجزائرية الحداد الوطني في البلاد مع تنكيس الراية، لمدة يوم واحد بداية من مساء الجمعة، كما قررت تعويض أهالي الضحايا بمبلغ 100 مليون سنتيم (4500 دولارا).
84 ألف حافلة تحتاج إلى تجديد
فيما أقر وزير النقل الجزائري سعيد سعيود، في تصريح صحافي عقب وقوع الحادث، بأن “84 ألف حافلة تحتاج إلى تجديد، وهو المشروع الذي تحاول الحكومة تجسيده، على مراحل”.
ومن بين تلك المراحل هي “دخول تركيب الحافلات حيز الخدمة في المصانع الجزائر خلال أشهر”، وأضاف سعيود أن “حوادث الحافلات ارتفعت خلال الفترة الأخيرة، حيث أزيد من 90 بالمائة من الحوادث سببها الإفراط في السرعة، داعيا السائقين إلى التحلي بروح المسؤولية وعدم رهن حياة مئات الآلاف من الأرواح الذين يقلونهم يوميا”.
يشار إلى أن هذا الحادث المأساوي أعاد فتح ملفات عالقة في قطاع النقل في الجزائر، لاسيما في ما يتعلق بتجديد حظيرة الحافلات، بسبب وقف استيراد المركبات، وقطع الغيار، وتأخر التركيب، وتكوين السائقين، واهتراء الطرقات وخطورتها وغيرها.