تابعت تنسيقية الأحزاب والتكتلات السياسية الليبية باهتمام إعلان بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن نتائج الاستطلاع الذي أجرته مؤخرا، المتعلق بخيارات خارطة الطريق المقبلة.
وأكدت التنسيقية في بيان لها، أهمية الإصغاء لصوت الليبيين في هذه المرحلة الدقيقة، معبرة عن قلقها البالغ إزاء الطريقة التي أدير بها الاستطلاع وآلية إعلان نتائجه وفي هذا التوقيت، وذلك لعدة أسباب تتمثل في:
غياب الرقابة الوطنية: لم تتح أي آليات مستقلة أو محلية لمراقبة نزاهة جمع البيانات أو فرزها أو تحليلها، وهو ما يضعف الثقة في أن النتائج تعبّر بدقة عن آراء الليبيين.
غياب الشفافية: لم يتم نشر النتائج تباعاً أو إتاحة متابعة علنية على مدار فترة الاستطلاع، بل جرى الاكتفاء بالإعلان عن الأرقام النهائية بشكل مفاجئ وقبيل الإحاطة المرتقبة لمجلس الأمن.
الارتباط المريب بالتوقيت السياسي إن إعلان النتائج النهائية في هذا التوقيت يُثير شكوكاً جدية حول استخدامها كذريعة مسبقة لتبرير ما سيرد في إحاطة البعثة أو لتسويق خارطة طريق معدّة سلفاً بعيداً عن الإرادة الشعبية الحقيقية.
وقالت التنسيقية إن الانتخابات محطة في مسار الاستقرار الدائم لليبيا وليست بحد ذاتها حلاً نهائياً للمشكلة، منبهة إلى أنه إذا كان تنظيم الانتخابات البلدية يواجه تحديات كبرى وعراقيل جدية، فكيف يمكن الحديث بواقعية عن إجراء انتخابات نيابية ورئاسية في ظل الانقسام القائم واستمرار أسباب إلغاء انتخابات 2021؟.
وأضافت أن التجربة أثبتت أن الانتخابات لا يمكن أن تُجرى بصورة حرة ونزيهة ومستدامة ما لم يتم الاتفاق أولاً على مسار شامل لمعالجة أسباب الصراع والتسوية السياسية الحقيقية.
وأشارت التنسيقية إلى أن المبادرة متعددة المسارات التي توفّر الحل الشامل وتعالج أسباب الصراع، ولا سيما الخيار الرابع (المجلس التأسيسي) لمخرجات اللجنة الاستشارية لبعثة الأمم المتحدة للدعم بليبيا، وما يتضمنه من استفتاء شعبي، تمثل عناصر أساسية للتسوية السياسية، ولتعبيد الطريق نحو استقرار دائم وبناء الدولة الحديثة المنشودة.
ونوهت إلى أن الانتخابات النيابية والرئاسية والدستور هي عناوين كبرى رُفعت خلال أحد عشر عاماً مضت دون أن يتحقق أي منها، لأنها بقيت مجرد شعارات لم تقرن بتسوية سياسية تعالج جذور الصراع، أما الخيارات الأربعة التي تضمنها تقرير اللجنة الاستشارية، فهي جميعاً تسعى في جوهرها إلى بلوغ تلك العناوين، لكن الاختلاف يكمن في الطريق المؤدي إليها.
ورأت التنسيقية أن الخيار الرابع هو الوحيد الذي قدم مساراً واضحاً للتأسيس لدولة حديثة عبر معالجة أسباب الصراع، بحيث تأتي الانتخابات كمحطة طبيعية في مسار الاستقرار، لا كشعار منفصل عن الواقع ولا كغاية في حد ذاتها.
وطالبت التنسيقية البعثة بالكشف عن كافة البيانات التفصيلية للاستطلاع، بما في ذلك المنهجية، والتوزيع الجغرافي والديموغرافي للمشاركين، ونسب المشاركة عبر القنوات المختلفة حتى يتم تحليلها من قبل المختصين بالاستطلاعات ويتم نشرها لليبيين.
كما دعت إلى إشراك مؤسسات وطنية مستقلة ومنظمات مجتمع مدني ليبية في أي عمليات استطلاع مستقبلية لضمان النزاهة والشفافية، مؤكدة أن أي خارطة طريق أو إحاطة أممية لا تكتسب شرعية، إلا إذا استندت إلى الإرادة الوطنية الليبية، لا إلى نتائج مطوّعة لخدمة أجندات خارجية.
وشددت التنسيقية على أن الليبيين وحدهم هم أصحاب الحق في تقرير مصيرهم ورسم مسارهم السياسي، بما يضمن بناء دولة وطنية جامعة، ويحقق تطلعات الشعب في الاستقرار والحرية والعدالة والتنمية المستدامة.