الأخبار الشاملة والحقيقة الكاملة​

2025-10-14

10:14 صباحًا

أهم اللأخبار

2025-10-14 10:14 صباحًا

قراءة في دواوين الهوني

01

يونس الفنادي

هذه القراءة المطولة كدراسة للبحث في الفرق بين (ديوان إبراهيم محمد الهوني) و(ديوان إبراهيم الهوني)

فيا ترى ما الفرقُ بينهما؟

 الشاعر إبراهيم محمد الهوني (1907-1967م) أصدرديوانه الوحيد بعنوان (ديوان إبراهيم محمد الهوني) في شهر سبتمبر من العام  1966م .. ضمن منشورات مكتبة الأندلس بحي البركة . بنغازي .. وجاء في مائة وخمسين صفحة تقريباً متضمناً ثلاثة وستين قصيدة تباينت أنفاسها الشعرية وتنوعت أغراضها بين الأشعار الوطنية التي غلبت على الديوان وبلغت خمسة وعشرين قصيدة ، والغزلية التي اقتصرت على سبع قصائد ، بينما جاءت قصائد المديح والمراثي في ثمانِ مناسبات أما المتفرقات فمثلت خمسة عشر قصيدة.

تنتمي كل هذه القصائد المنشورة بالديوان إلى النصِّ الشعري التقليدي الكلاسيكي الملتزم بأوزان البحور الخليلية ، التي دأب الشاعر إبراهيم محمد الهوني عليها دون غيرها ، معلناً موقفه الصريح من الشعر الحديث وتحديداً النظم الحر حين ظهر في عقد الستينيات الذي شهد البدايات المبكرة لحداثة النصِّ الشعري وتطوراته الفنية فيقول في “كلمة المؤلف” التي كتبها وصدَّرها ديوانه :

(.. أما عن الشعر “الحر” كما يسمونه فهذا بتمرده على الوزن خرج عن إطار الشعر ودخل في فوضى لا نهاية لها، وأصبح وإِنْ كان أقرب إلى النثر منه إلى النظم يتأرجح بين هذا وذاك، فلم يقبل النثر وينتسب إليه، ولم يقبله الشعر لعدم توفر مستلزمات الشعر فيه ..) .

 أما دار النشر “مكتبة الأندلس” أشادت بقصائد الشاعر إبراهيم الهوني وقدمت له بكلمة قصيرة جاء فيها :

(نحن هنا أمام شاعر قدير تطيعه القوافي ، وتخضع له الأوزان ، وتنطلق الكلمات من شق ريشته شعراً رائعاً ) .

وللعلم فإن الشاعر ابراهيم محمد عبد القادر الهوني هو من مواليد مدينة بنغازي سنة 1907م ، درس خلال المرحلة المبكرة من عمره بالمدرسة العربية الإيطالية حتى نال شهادة تخرجه سنة 1938م التي أجازت له العمل مدرساً بمدن ومناطق الجبل الأخضر، ثم ترك مهنة التدريس وتوجه سنة 1950م إلى سلك القضاء ، فعمل وكيلاً للنيابة بمدينة بنغازي وقاضياً ومستشارا عدلياً بمحاكم الجبل الأخضر.

وقد ضمَّن الباحث الدكتور عبدالله مليطان بعضاً من سيرة هذا الشاعر الراحل في الجزء الأول من مؤلفه (معجم الشعراء الليبيين) اللذين صدرت لهم دواوين شعرية، وقد اختار قصيدتين من نصوصه هما (عيد الأضحى) و(ابتسامة) ونشرهما مع سيرته، بينما كتب حوله الأستاذ سالم الكبتي في ذكراه الأربعين مقالة بعنوان (الذكرى الأربعون لوفاة الشاعر إبراهيم الهوني) أشار فيها إلى أن البدايات الشعرية لشاعرنا الراحل كانت خلال ثلاثينات القرن الماضي، وأن مسيرته الإبداعية شهدت كذلك نشره بعض ترجماته الشعرية الانجليزية إلى العربية بالعديد من الصحف الصادرة آنذاك مثل “الرقيب” و”برقة الجديدة” و”العمل”. ويقول الأستاذ الكبتي بأن (ابراهيم الهوني كان واحداً من شعراء المدرسة التقليدية في ليبيا والتزم بأجوائها وبنظام الشعر المقفى ولم يبرحه، وعبَّر شعرُه طوال حياته عن مواقفه النفسية ومشاعره الخاصة باستمرار، فيما لجأ إلى الرمز في بعضه من خلال مناجاته “البوم” ومخاطبته “الحوت”، وتناول فيه في مرحلة لاحقة التغيرات والتبدلات والتطورات المفاجئة عقب ظهور البترول وتأثيره في حياة الناس والمجتمع الليبي، ورثى والده ووالدته وعديد الأعلام والرجال في الوطن وخارجه.)

ومن المعلوم أن الشاعر الراحل إبراهيم الهوني اشتهر بقصيدته (حسناء قورينا) التي لا نجدها منشورة في ديوانه الأول (ديوان إبراهيم محمد الهوني) ولا في ديوانه الثاني (ديوان إبراهيم الهوني) وهي تتضمن سجالاً شعرياً مع عدد من الشعراء المجايلين له بمدينة طرابلس حول بعض الأحداث والمواقف الوطنية في تلك الفترة الزمنية الحافلة بالتفاعلات السياسية والفكرية. كما كانت له معارضات شعرية قوية مع الشاعر أحمد رفيق المهدوي، وله أيضاً مساجلات في الشعر الشعبي مع الدكتور علي الساحلي وربما غيره، وقد توفي الشاعر إبراهيم محمد الهوني سنة 1967م بمدينة بنغازي.

وقد أعد الدكتور البشتي الطيب بشنه أطروحته لنيل الدكتوراة حول الشاعر إبراهيم الهوني وناقشها سنة 1997م تحت عنوان (خصائص التركيب في ديوان ابراهيم محمد الهوني) وصدرت لاحقاً سنة 2000م في كتاب ضمن منشورات مركز الجهاد الليبي متضمناً التحليل الفني لقصائد الشاعر الراحل وملاحظات الباحث حولها.

وبعد ذلك بسنوات وتحديداً عام 2008م أصدرت أكاديمية الفكر الجماهيري مؤلفاً للدكتور قريرة زرقون نصر بذات عنوان الديوان الأول للشاعر الراحل إبراهيم محمد الهوني حاذفاً اسم والد الشاعر “محمد” فقط، فظهر مؤلفه باسم (ديوان إبراهيم الهوني الجزء الثاني) مقتصراً على الاسم واللقب دون اسم الأب، ولم يبيّن الشاعر دواعي وأسباب ذلك! هل كان الحذف للتفريق بين العنوانين مثلاً، وكذلك أشار على صفحة الغلاف بأنه (جمعه وحققه وقدَّم له)، ولعل البعض يتسائل عن الجديد الذي يحتويه كتاب الدكتور قريرة زرقون نصر (ديوان إبراهيم الهوني الجزء الثاني)، والاستفسار حول كيفية جمعه قصائد الشاعر الراحل وهي مجموعة ومنشورة بين دفتي كتاب منذ سنة 1966م؟

ويجيب الدكتور زرقون في مقدمته عن هذه الأسئلة وغيرها ويشرح الظروف التي ولدت فيها فكرة إصدار كتابه فيقول (…إنه لشرفٌ عظيمٌ لي أن أقدم لليبيين عَلماً من أعلامهم في ثاني ديوان له جمع بين دفتيه العديد من القصائد والمقطوعات الشعرية في ألوان شتى، بعد أن ظل مبتوراً في مكتبة ورثته لا تتحرك إليه الأيدي ولا تتطلع إليه العيون…. وقد سبق لإبراهيم الهوني أن نشر الجزء الأول من ديوانه بإشرافه وهو قيد الحياة. وها أنا ذا أضع بين يدي القراء الجزء الثاني من ديوان الشاعر ابراهيم محمد الهوني، وقد ظل هذا الجزء أسير مكتبة الشاعر الخاصة منذ وفاته في مدينة بنغازي سنة 1969م. والجدير ذكره أن الشاعر قد طبع على ظهر ديوانه الأول الذي صدر عن مكتبة الأندلس ببنغازي سنة 1966م، أن الديوان في بقيته سيصدر قريباً إلاّ أن ذلك لم يحصل، ومرد ذلك في نظري يعود إلى مرض الشاعر، حيث سافر كثيراً للتداوي كما هو وارد في قصائده (حلوان، كولن …)، ووفاته فيما بعد….)

ثم يعدد الدكتور زرقون تسلسلاً خماسياً يبين فيه بعض الخصائص الفنية لقصائد الشاعر الراحل إبراهيم محمد الهوني والتي سبق وأن استعراضها قبله الدكتور البشتي الطيب بشنه في أطروحته البحثية الواسعة عن هذا الشاعر وقصائده

عدا بعض القصائد التي لم ينشرها شاعرنا إبراهيم الهوني قبل وفاته، ولكنه تأكد أنه جمعها وجهزها للنشر وأشار حرفياً إلى ذلك في أخر صفحة بديوانه الأول بقوله (الجزء الثاني من ديواني إبراهيم الهوني سيصدر قريباً). وهذه المعلومات تجعلنا نتساءل عمّا أضافه الدكتور قريرة زرقون نصر في كتابه (ديوان إبراهيم الهوني) لنصوص الشاعر الراحل ؟ وكيف تسنى له جمع وتحقيق قصائده وهي منشورة منذ سنوات بعيدة، وقد تناولها الدكتور البشتي بشنه قبله بسنوات بالتحليل والنقد في اطروحته الجامعية لنيل الدكتوراة ؟

يخصص الدكتور قريرة زرقون نصر للإجابة عن هذا السؤال فقرة في مقدمة كتابه قد تكون شافية وواضحة يسجلها في أربعة خطوات حين يقول :

أما عملي في الديوان فيتلخص في الخطوات التالية :

1 – تقويم النص وإظهاره بالمظهر اللائق مع ترتيب القصائد بحسب الحروف الأبجدية.

2 – عرّفتُ بالكثير من الأعلام والأحداث والأماكن التي وردت في شعره.

3 – شرحتُ بعض الكلمات التي يصعب على القاريء الإلمام بها (الكلمات الأجنبية والعامية).

4 – أرجعتُ كثيراً من الكلمات والصيغ إلى شكل الإملاء المتداول بيننا اليوم، ولم أُشر في أغلب الأحيان إليها، وقد اعتمدتُ في إظهار هذا الجزء على نسخة وحيدة [!!!] ……

فإذا كان المفهوم العلمي لفن التحقيق هو مقارنة النصِّ من خلال مطالعة نسخه الأخرى المتعددة لإظهاره وفق مقاصد المؤلف أو الشاعر، دون شرحه أو إغراقه بالهوامش والزيادات، فهل التحقق والتحقيق يستقيم من خلال مطالعة نسخة وحيدة اعتمدها الدكتور قريرة زرقون نصر؟

إنّ طرح مثل هذه الأسئلة لا يقلل من الجهد الذي بذله الدكتور قريرة زرقون نصر ومعاناته وصبره وتواصله مع ابن الشاعر فرج ابراهيم الهوني بمعية الشاعر محمد المزوغي في الحصول على النسخة الوحيدة من ديوان الشاعر وبعض القصصات الصحفية والجرائد المنشور بها عدد من قصائد الشاعر الراحل ابراهيم الهوني، وإنما هو لاستزادة تسليط الضوء والتوضيح والاستفسار مثلاً عن عدم إشارته إلى استعمال الشاعر ابراهيم الهوني بشكل لافت تقنية المقاولة المتأسسة على صيغ القول التي انصبغت بها العديد من نصوصه، ونظم المقطعات الشعرية الثنائية وغيرها، وكذلك عدم إشارته بجانب الأوزان إلى الأغراض الشعرية للقصائد مثل الغزل والرثاء والمديح والوطنيات وقصائد المناسبات وتلك الخاصة بالأصدقاء، وأيضاً عدم تعرضه لمناقشة موضوع غياب العتبات الدقيقة ذات العنونة المكثفة البليغة ودواعي ظهور عناوين قصائده طويلة في معظم أشعاره متضمنة في أعلاها تواريخ القصائد بشكل غريب مثل (ألقيت أمام الأمير في 4/12/1947 بالأبيار) و(قيلت سنة 1946 بمناسبة قدوم الأمير وتأسيس الجبهة الوطنية وعيد الفطر) و(قدوم وفد لكسيس سنة 1949) وغيرها، وكذلك تكرار العناوين مثل (رد) التي وردت مكررة لخمسة قصائد، و(رد الشمعة) مرتين، وغيرها، وعدم التفات الدكتور قريرة زرقون نصر إلى تصنيفها أو دراستها بشكل محدد، إضافة إلى العناوين المتكررة الأخرى مثل (تهنئة) و(عتاب)، وعدم تحديده للعناوين التي وضعها لقصائد الشاعر غير المعنونة، وإفراد جانبٍ خاصٍّ بها .

في الختام تبدو لي أنَّ هذه النقاط الفنية والملاحظات الموضوعية وغيرها جديرة بالإثارة حول الإصدارين الشعريين للشاعر الراحل إبراهيم محمد الهوني لكي تستكمل جوانبها في دراسات لاحقة موسعة وشاملة حوله، وهو ما يتفق مع أورده الدكتور قريرة زرقون نصر في خاتمة مقدمة كتابه بقوله (وبعد، فقد بذلتُ جهدي في إخراج النصِّ صحيحاً، ومع ذلك فالمشتغل بالتحقيق لا يستطيع مهما أُوتي من علم الجزم بكمال النصِّ الذي حققه، وإنِّي لآملُ أنْ أجدَ من أراء الزملاء والأساتذة الدارسين ممن ينظرون في هذا الكتاب ما يُعين على استكمال أسباب التحقيق من تقويمِ معوج ، أو تصحيحِ خطأ، أو تلافي نقصٍّ، وفوق كُلِّ ذي علمٍ عليمٌ ) .

شارك المقالات:

مواقيت الصلاة

حالة الطقس

حاسبة العملة

PNFPB Install PWA using share icon

For IOS and IPAD browsers, Install PWA using add to home screen in ios safari browser or add to dock option in macos safari browser

Manage push notifications

notification icon
We would like to show you notifications for the latest news and updates.
notification icon
You are subscribed to notifications
notification icon
We would like to show you notifications for the latest news and updates.
notification icon
You are subscribed to notifications