بعد نحو ست سنوات من توقيع المملكة المغربية اتفاقية مع الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقية لشراء 25 مقاتلة من طراز “إف-16 بلوك 72 فايبر” F-16 Block 72 Viper، إلى جانب تطوير المقاتلات المغربية السابقة من F-16 Block 52 إلى النسخة الأحدث Block 72 Viper ، تم الإعلان مؤخرًا عن الانتهاء من تصنيع جميع محركات المقاتلات الـ29 المخصصة للصفقة، منها 25 محركًا ستُركب مباشرة في الطائرات الجديدة، وأربعة محركات احتياطية ستُخزن داخل المملكة. ويُعد هذا الإنجاز مؤشرًا قويًا على قرب موعد تسليم الطائرات، حيث عادةً ما يُركب المحرك آخرًا قبل دخول الطائرة مرحلة الاختبارات التجريبية. من المتوقع أن نشهد وصول أولى الصور للطائرات المغربية داخل القواعد الأمريكية قبل نقلها إلى المملكة بحلول نهاية العام الجاري.
أما أسباب تأخر التسليم، فهي تعود إلى الطلب العالمي الكبير على مقاتلات F-16، الذي تجاوز 200 طائرة، بالإضافة إلى إعادة تخصيص بعض خطوط الإنتاج لدعم أوكرانيا، وتحويل خطوط رئيسية لإنتاج طائرات F-35. ورغم ذلك، نجح المغرب في إقناع شركة “لوكهيد مارتن” Lockheed Martin بفتح منشأة لصيانة طائرات F-16 داخل المملكة، كما تجري حاليًا مفاوضات لاقتناء مقاتلات F-35 مع تقديم الشركة الأمريكية عروضًا تقنية مفصلة للمسؤولين المغاربة.
على الجانب المحلي، تمتلك الشركة الأمريكية المصنعة للمحركات، Pratt & Whitney، مصنعًا داخل المغرب منذ عام 2022 لإنتاج بعض أجزاء المحركات، ما يعزز القدرات التقنية والصناعية الوطنية.
أما عن التأثير العسكري، فمقاتلة F-16 Block 72 Viper متعددة المهام وتعتبر الأقرب إلى مقاتلات الجيل الخامس من حيث القدرات. تتميز F-16 المغربية برادار AESА متطور بمدى يصل إلى 300 كلم، قادر على تتبع 20 هدفًا بدقة عالية وصعوبة التشويش عليه.
كما تتفوق المقاتلات المغربية من حيث الصواريخ، حيث تمتلك صواريخ AMRAAM-120D بمدى يصل إلى 160 كلم، ما يمنح المغرب قدرة على توجيه الضربات الاستباقية وفرض السيطرة الجوية قبل أن تتاح الفرصة للطرف المقابل للرد، وهو مبدأ استخدمته إسرائيل سابقًا في مواجهاتها مع إيران لضمان التفوق الجوي.
و يُمثل الانتهاء من تصنيع المحركات خطوة حاسمة تقترب بالمغرب من تسلم مقاتلاته الجديدة، والتي ستدعم بشكل كبير قدرات القوات الجوية المغربية، وتعزز ميزان القوى في المنطقة، لا سيما مقارنة مع الجزائر.
وتم الإعلان رسميًا عن إتمام تصنيع جميع المحركات الخاصة بمقاتلات “إف-16 بلوك 72+” المغربية، ما يمثل خطوة حاسمة نحو استلام أولى الطائرات في المستقبل القريب. وتشير المعلومات إلى أن المغرب طلب 29 محركًا من طراز F100-PW-229 EEP، الذي تصنعه شركة “برات آند ويتني” الأمريكية، ضمن الصفقة المبرمة، حيث سيتم تخصيص 25 محركًا للطائرات المقاتلة، بينما سيُحتفظ بأربعة محركات إضافية كاحتياطي لدى فرق الصيانة التابعة للقوات الجوية الملكية.
واكتملت عملية تصنيع المحركات في الأسبوع الخامس من شهر يوليو الماضي، مما يدل على أن إنتاج الطائرات نفسها بلغ مراحل متقدمة جدًا. وتشير التقديرات إلى إمكانية ظهور أول مقاتلة مغربية من هذا الطراز في نهاية عام 2025 أو بداية 2026 على أقصى تقدير.
وشملت الصفقة تجهيزات إضافية إلى جانب المحركات لتعزيز الاستعدادات الفنية واللوجستية لاستقبال الطائرات الجديدة. فبالإضافة إلى المحركات الاحتياطية، طلب المغرب عددًا كبيرًا من المعدات، أبرزها 40 خوذة JHMCS المتطورة (نظام توجيه الخوذة المشترك Joint Helmet-Mounted Cueing System) لتجهيز 25 طائرة، ما يوفر خمس خوذات احتياطية يمكن استخدامها عند الحاجة، مع الأخذ في الاعتبار أن الأسطول الجديد يضم طائرات أحادية وثنائية المقعد. كما تم طلب 26 رادارًا من نوع AESA AN/APG-83 SABR، أي بعدد الطائرات مع رادار احتياطي واحد، إضافة إلى حاسوب طيران احتياطي وتجهيزات فنية وعملياتية أخرى.
وبمجرد دخول هذه الطائرات الخدمة، ستصبح القوات الجوية الملكية المغربية المشغل الإفريقي الوحيد لأكثر نسخ “إف-16” تطورًا، المزودة برادار من الجيل الخامس ومنظومات تسليح من بين الأخطر في فئتها. وتشمل هذه المنظومات صواريخ جو-جو بعيدة المدى AIM-120C-8 بمداها القتالي الذي يصل إلى 180 كيلومترًا، وقنابل ذكية خارقة للتحصينات من نوع SDB يصل مداها إلى نحو 110 كيلومترات، وصواريخ هاربون المضادة للسفن بمداها 180 كيلومترًا، إلى جانب قنابل GBU-31 الخارقة للتحصينات الثقيلة بمداها الأقصى 120 كيلومترًا، فضلًا عن مختلف الذخائر والصواريخ المستخدمة حاليًا على مقاتلات “إف-16” المغربية.
إلا أن تسليم هذه الطائرات تأخر نحو خمس سنوات منذ توقيع الصفقة، نتيجة عدة عوامل، أبرزها الطلب الكبير على طائرات “إف-16 بلوك 72” حول العالم، حيث تجاوزت طلبيات الإنتاج مئتي طائرة خلال السنوات الأخيرة. كما ساهم قرار شركة “لوكهيد مارتن” بتحويل جزء من خط إنتاج “إف-16” لإنتاج مقاتلات “إف-35” في تأجيل الإنتاج، قبل أن تضطر الشركة لاحقًا إلى إنشاء خط جديد لإنتاج “إف-16” في ولاية أمريكية أخرى، ما أدى إلى تأجيل تسليم عدة طلبيات من بينها الصفقة المغربية.
في المحصلة، يُعد إتمام تصنيع المحركات مؤشرًا قويًا على اقتراب بدء التسليم، ولا يتبقى سوى انتظار أولى الصور الرسمية لمقاتلات “إف-16 بلوك 72+” المغربية وهي تخرج من مصانع “لوكهيد مارتن”، إيذانًا بمرحلة جديدة في تطور سلاح الجو المغربي.
وتعود صفقة مقاتلات “إف-16 بلوك 72+” المغربية إلى عقد وقعته المملكة مع الولايات المتحدة الأمريكية عام 2019، وتشمل اقتناء 25 طائرة جديدة من هذا الطراز المتقدم، إلى جانب تطوير 23 مقاتلة “إف-16” قديمة موجودة حاليًا في الخدمة إلى المعيار نفسه. وتُعد هذه الصفقة من بين الأضخم في تاريخ سلاح الجو المغربي، حيث تجاوزت قيمتها الإجمالية أربعة مليارات دولار أمريكي، موزعة بين شراء الطائرات الجديدة وتحديث الأسطول الحالي، إضافة إلى الذخائر وقطع الغيار والدعم الفني والتدريب.
تتميز الطائرات الجديدة من طراز “F-16V بلوك 72+” برادار AESA متطور من نوع AN/APG-83 SABR، ومنظومة حرب إلكترونية محدثة، وشاشة عرض رقمية كبيرة في قمرة القيادة، إلى جانب أنظمة اتصال ومعالجة معلومات متقدمة تعزز الوعي الميداني والقدرة على العمل ضمن شبكة قتالية واسعة.
وتضم الصفقة أيضًا حزمة تسليحية متقدمة تشمل صواريخ جو-جو بعيدة المدى AIM-120C-8 AMRAAM، وقنابل موجهة بدقة من نوع SDB، وصواريخ مضادة للسفن Harpoon، وقنابل خارقة للتحصينات GBU-31 JDAM، إلى جانب خوذات التهديف JHMCS، ورادارات احتياطية، وأنظمة إلكترونية وحواسيب إضافية لضمان الجاهزية القتالية وتوفير الصيانة والدعم طويل الأمد.