السادس عشر من سبتمبر من كل عام عطلة رسمية إحياء لذكرى استشهاد “أسد الصحراء” أو “شيخ الشهداء” عمر المختار، الذي جسد أسمى معاني البطولة في كفاحه ضد الاحتلال الإيطالي.
الضريح
رغم مرور قرابة قرن من الزمن لازالت ذكرى استشهاد المختار حاضرة في الأذهان، ولازال ضريحه شاهدا على كفاح الليبيين، وفي هذا الشأن أعلنت وزارة الكهرباء والطاقات المتجددة اليوم الثلاثاء تنفيذ صيانة طارئة لإنارة ضريح شيخ الشهداء تزامنا مع الذكرى السنوية لاستشهاده، وشملت الأعمال الكشف الكامل على منظومة الإنارة المحيطة بالضريح، والتأكد من وضعها التشغيلي، إلى جانب استبدال المصابيح المعطوبة وإصلاح الأعطال الفنية، حسب بيان الوزارة على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».
اليوم تحل الذكرى الـ 94 على استشهاد عمر المختار الذي بقيت سيرته وقصص نضاله تدرس ليس في كتب التاريخ بليبيا فقط وإنما الوطن العربي أجمع، حيث أُعدم من قبل سلطات الاحتلال الإيطالي عام 1931 بعد أن قاد مقاومة شرسة ضد الاستعمار لأكثر من 20 عامًا في مناطق الجبل الأخضر وشرق ليبيا.
النشأة
وُلد عمر المختار عام 1862 لأسرة تنحدر من قبيلة المنفي، وفقد في طفولته والده، فتربى عند عمه الذي ألحقه بمدرسة القرآن ليتخرج منها ملتحقًا بمعهد ديني لتلقي علوم الفقه والحديث.
لفت نبوغه خلال 8 سنوات من الدراسة أنظار مشايخه من الحركة السنوسية، وخاصة الشيخ محمد مهدي السنوسي الذي قربه منه وجعله مرافقًا في عديد من رحلاته حول البلدان الإفريقية، فازدادت خبراته بمعرفة طبيعة الأرض الصحراوية المعقدة وكيفية التعامل مع القبائل العربية والتنسيق بينها، وهي المهارات التي ستظهر أهميتها في مسيرة المقاومة العسكرية للمختار.
تنقل المختار بين مراتب المشيخة الدينية للحركة السنوسية حتى استقر شيخًا بمنطقة الجبل الأخضر، ولم يشغله الدور الإداري عن واجب المقاومة، فشارك بقتال الجيش البريطاني على الحدود المصرية الليبية وخاصة في معركة السلوم.
المقاومة
تعرضت ليبيا عام 1911 للغزو الإيطالي الذي هدف لاحتلال البلاد والاستفادة من مواردها، فالتحق المختار سريعًا بجهود المقاومة، حيث جمع 1000 مقاتل من أبناء الجبل الأخضر لينضم بهم للجيش العثماني دعمًا لصد الجيش الإيطالي عن الأراضي الليبية.
وركز المختار على نقطة ضعف الإيطاليين وهي حروب الصحراء غير المألوفة لجيش أوروبي نظامي، حيث تقوم معظم العمليات على استهداف المعسكرات النائية قرب الصحراء، وبالتالي يسهل ضربها والفرار قبل وصول الإمدادات.
نجحت الخطة في إنهاك الإيطاليين وتعطيل خطوط الإمداد لتحقق نهاية مشرفة، وتسببت انتصارات المختار المتلاحقة في تغيير الإيطاليين أسلوبهم القتالي، فلجأوا إلى سياسة المعسكرات الجماعية لإرهاب السكان المحليين ومنعهم من دعم المقاومة.
النهاية البطولية
كانت النهاية البطولية لعمر المختار في سبتمبر 1931، حين تم اعتقاله ليعرض على محكمة صورية بتاريخ 15 سبتمبر قضت بإعدامه شنقًا.
يومها تقدّم المختار في هدوء ليتم شنقه ميدانيا في مشهد خلد في ذاكرة الليبيين، حيث تواتر أنه كان يردد آيات من القرآن، كما قال “نحن لا نستسلم، ننتصر أو نموت”، كما قال “هذه ليست النهاية، بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليه”.
