ترافق الصحو وفنجان القهوة دعوة للحياة و الصخب

رزان نعيم المغربي

هاتف المساء …

كل الأشياء التي تزعجنا نعتادها في نهاية الأمر بعد التكرار، هذا بالضبط ما خطر لي وأنا أعد له فنجان القهوة قبل ذهابي إلى الفراش ، ليرفع سماعة الهاتف ويبدأ  مسامرة صديقه . كنت في المطبخ ، أتأمل ماء القهوة السميك وهو يتقلب ويخرج فقاعة كبيرة قبل أن يغلي ويفور، ضجراً من نار الموقد الحامية ، كما ضجرت أنا مما يحدث معنا قبل ثلاثة أشهر، حيث كانت الحياة تمضي بنا رتيبة وهادئة مثل مياه نهر تعرف منتهاها ،  ولكن فجأة ظهر له هذا الصديق الذي شغله وغير الكثير من طريقة حياتنا . كيف حدث هذا التعارف وأين لا أعلم .

رزان نعيم المغربي هي الكاتبة ، الصحفية ، والناشطة الثقافية والحقوقية .. ليبية الأصل سورية المولد عاشت وترعرعت في سوريا حيث هاجر أهلها إبان الاحتلال والحروب الضارية في ليبيا .. درست هناك كافة مراحل دراستها حتى تخرجت من جامعة دمشق متحصلة على بكالوريوس اقتصاد قسم محاسبة في العام 1986 م .. بداية حياتها المهنية عملت بشهادتها الأكاديمية رغم موهبتها الفذة الأدبية منذ صغرها فعملت :

 • مدير مكتب المراجعة الداخلية بالشركة الليبية الجزائرية للتشييد والبناء التابعة لشركة الاستثمارات الخارجية بين الأعوام (1988 إلى 2005) .. ثم مستشارا ومراجعا ماليا داخليا بالشركة الليبية الجزائرية للتشييد والبناء التابعة لشركة الاستثمارات الخارجية (2005) ومن بعد توجهت بكامل اهتمامها ناح موهبتها وإبداعاتها في الكتابة الصحفية والقصة والرواية وولجت المجال من بابه الواسع حيث …

فعل اليقظة يضاهي في لذته متعة الدخول في عالم الاستسلام للنوم الكامل , اليقضة نهضة من موت وشيك , والنوم استسلام للعتمه و المجهول الذي لا مفر منه . (( رزان مغربي من نساء الريح ))

• أختيرت في العام 2005 مدير مجلس الثقافة العام . فرع طرابلس واستمرت مديرا لفرع المجلس حتى عام 2014 م وفي ذات المجال كانت تصدر عن مجلس الثقافة العام مجلة الفهرست الثقافية تولت رزان إدارة تحريرها اعتبارا من العام 2008 وظلت مدير تحريرها سنة كاملة لتتولى مهمة أخرى إذ استلمت في العام 2009 إدارة تحرير مجلة أفق حتى العام 2011 م . ولم تتول مهاما أخرى في ليبيا وعكفت على رواياتها وكتاباتها إذ اختارت بعد العام 2011 غربة طوعية ولا طوعية بعد تغير حال البلاد واستقرت في هولندا حتى تاريخ تجميعي لسيرتها الأدبية والحياتية عبر منصتنا الليبية الإخبارية كصوت أدبي ليبي له كيانه وأهميته ..

فالمغربي لها كثير المنجزات الإبداعية بين نتاج صحفي وأدبي يتمثل في القصة والرواية والشعر .. رزان لم تتوقف عن النشاط والعمل طيلة حياتها منذ شبابها وحتى وهي زوجة وأم لابن وابنة بل ظلت تمارس عديد النشاطات الثقافية والحقوقية التي عرفنا منها أنها كانت // عضوا في  منظمة FemenaNet / وعضو منظمة أطوار للبحث والتطوير / كما عضو في الهيئة العليا لتحالف “ليبيات من أجل السلام والاستقرار” / وهي المدافعة عن حقوق الإنسان ومؤسسة لمشاريع تطوعية المشاركة أنشطة متنوعة في المجتمع المدني .. في الثاني من ديسمبر للعام 2011 كانت رزان متحدثة في TEDx طرابلس– تحت عنوان نساء أبو سليم // وانضمت كعضو فعال لندوة الحرية في الأدب النسائي ومؤتمر نحن وصندوق الانتخاب كان مؤتمرا توعويا للنساء حول الترشح للبرلمان واختيار المرشح المناسب في العام 2016 ..

كل صحو يترافق مع فنجان قهوة دعوة للحياة و الصخب .. (( رزان مغربي ))

• شاركت مغربي الإشراف على ورشة عمل للصحفيين الليبيين بتمويل من منظمة ICAN (فبراير 2016)

• وتنظيم مؤتمرات ولقاءات محلية ودولية حول قضايا المرأة والصحافة والكتّاب والمؤلفين والقضايا الاجتماعية والاقتصادية (2006 – 2012)

• وهي عضو مؤسس في شبكة ICAN (International Civil Society Action Network)

هي امرأة جريئة قوية تدافع عن فكرتها عادة باعتدال .. حين سئلت في أحد اللقاءات التي أجريت معها .. ألم تتخوفي من أن فكرة الرواية التي تغطي مساحة زمنية تمتد لنحو 70 عاماً عبر أجيال وأمكنة متنوعة ما بين ليبيا ومصر وإيطاليا ربما تكون تقليدية بعض الشيء، عكس الكتابة الحداثية التي تميل للتركيز على شخصية أو مكان بعينه ؟ أجابت :

– بالطبع، قد يبدو للوهلة الأولى أن رواية تمتد عبر سبعة عقود وأجيال متعاقبة وتتنقل بين أماكن متنوعة تحمل صبغة تقليدية، لكنني أرى أن التصنيف الأدبي، خاصة في إطار ما بعد الحداثة، لا يتعلق بالضرورة بالزمان أو المكان أو حتى عدد الشخصيات. جوهر ما بعد الحداثة يكمن في تفكيك السرديات التقليدية وإعادة تشكيلها بأساليب تفتح آفاقاً جديدة أمام القارئ.

في روايتي، لم يكن الهدف تقديم سردية تاريخية بقدر ما كان محاولة لتقديم تجربة إنسانية متعددة الأبعاد. الشخصيات، رغم تعددها، صُممت بعناية بحيث لا تكون مجرد أدوات لتحريك القصة، بل كيانات مستقلة تحمل رؤاها وهواجسها، وتعكس تناقضات الزمن والمكان. كان كل منها بمثابة قطعة في فسيفساء أوسع، وكل مكان بمثابة مرآة تعكس ظلال الشخصية وتفاعلها مع محيطها.

_ ترجمت روايتها (( الهجرة على مدار الحمل )) الصادرة الصادرة عن دار الأوائل – دمشق، 2004 إلى عدة لغات . 

كما رشحت في العام 2012 م روايتها (( نساء الريح )) الصادرة عنالدار العربية للعلوم _ ناشروا – بيروت ،  2010 لقائمة البوكر الطويلة وهي أيضا من رواياتها المترجمة لعدة لغات .

 _ آخر رواياتها للآن رواية جدلية لاقت كثير من التدقيق النقدي في الوسط الأدبي حين صدرت في العام 2023م وهي رواية ((الرسام الإنكليزي / جدارية البردي . طبرق))

جزء من قصة الكاتبة ( هاتف المساء ) :

مضى على زواجنا عشر سنوات ، اتفقنا على إنجاب طفلين ، وهاهما يرقدان في غرفتيهما المشتركة .

حينما تبدأ برامج التلفاز، أضع كراسات التلاميذ على الطاولة لتصحيحها وأتابع بلا مبالاة ما يخطر من صور أمامي ، وغير معترضة على تقليب البرامج بجهاز التحكم ، لأظنه بعد أن يمل ، يمسك بأقرب كتاب أو جريدة ويأخذ في حل الكلمات المتقاطعة، ويحدث أن تمر ليال كثيرة، هادئة لا نثير فيها جدالا حول تربية الأطفال، أو نقاشا بماذا يفكر من مشاريع جديدة، وحتى لم أعد استفزه ليحدثني عن أحلام يقظته بالسفر والأشياء الغريبة التي يودّ .. فعلها ، كما كان يحدث قبل سنوات ، بعد أن يغلبني النعاس، أشعر بيده تربت على كتفي، يوقظني، واذهب إلى النوم،  كانت أياما هانئة  لكن جاء من يعكر صفو مياهها الهادئة كل مساء.

• صدر لرزان المغربي مجموعات قصصية ودواوين شعرية عدة بعضها حين كانت تعيش في ليبيا وبعضها الآخر بعد إقامتها في هولندا بعد العام 2011 م .. ومن مجموعاتها القصصية //

◦ عراء المنفى _ عن دار الأفاق – بيروت ، 2001

◦ الجياد تلتهم البحر عن دار الأوائل – دمشق، 2002

◦ نصوص ضائعة التوقيع _ عن مجلس الثقافة العام – ليبيا، 2006

◦ رجل بين بين _ مجلس الثقافة العام ، 2009

◦ مشاهد متعددة للحب (2023) .

ولها أيضا إصدار بعنوان (( أرواح برسم البيع )) لم نتحصل على دار النشر التي طبعته ومتى تم إصداره إذ صادفنا أثناء البحث عن مسيرتها الأدبية ضمن إصدارات الروائية .

عجــز ..!

هبط المساء ثقيلا، ورشحت فوانيس الحديقة ضوءها الخافت؛ الذي تناثر على الزوايا والممرات ؛ لكن العتمة بقيت أعم وأشمل ! وهي مازالت تسند ظهرها إلى جذع شجرة ضخمة،أرست جذورها في الأرض على عطفة الحديقة الكبيرة ، حديقة أشجارها متباعدة تحتل طرف المدينة وتطل عليها، وهي تلثم سفح الجبل المرتفع !

شعرت بالرطوبة تنفذ إلى جسدها الواهن، تحمل في أحشائها  الجنين الذي طال انتظاره ،وتمنت لو تجد مقعدا خاليا تجلس عليه ، المقاعد لم تكن شاغرة تماما،بسبب كثرة زائري الحديقة،  وهي لا تجرؤ على احتلال طرف واحد منها يشاركها الجلوس فيه رجل ؟! لو جاء ورآها سيقيم الدنيا ولا يقعدها ، خفضت رأسها وأخذت تراقب عن كثب عبثه وهو يكاد يمزق جلدها ضجرا، تسعة أشهر! مسجون في ظلمة لكنها ظلمة حانية؛أما هي فالظلمة التي حلت ترعبها، الجارة قالت لها المشي مفيد جدا يسهل الخلاص بالسلامة، وأقنعته هذا الصباح وتوسلت إليه لو يأخذها في مشوار سيرا على الأقدام،وافق على أن يتمشيا حتى الحديقة.

سأحمل قليلا من العسل معي ربما عثرت على زبون، حين نصل الحديقة؛ تأخذين قسطا من الراحة وأذهب لبيع العسل،في الحديقة لم يمكث معها أطمأن لجلستها وتأهب للمغادرة.

صدر لمبدعتنا الليبية الروائية والشاعرة رزان المغربي ديوان شعري واحد تحت عنوان (( إشارات حمراء )) في العام 2002 عن دار الأوائل – دمشق .. ولكونها صحافية تنوعت مقالاتها وقدمت أيضا عديد الدراسات الأدبية .. فنشر لها عبر طيات الكتب:

◦ قصاصات حرة – مجموعة مقالات ودراسات أدبية صدرت في العام 2013 م .

◦ صباح الورد التي صدرت في 2014

• شاركت رزان أعمالها ضمن كتب مشتركة مع كتّاب من دول مختلفة صدرت باللغات الإسبانية ، الإنجليزية ، والألمانية بين الأعوام (2015 – 2022) .

• نشرت لها عديد من مقالات الرأي في صحف ودوريات محلية وعربية ..

• إنتاج برامج لمحطة التليفزيون الليبية.

• كتابة سيناريو لفيلم وثائقي عن الكاتب علي مصطفى المصراتي – إنتاج مجلس الثقافة العام.

وكم هو مفرح وجميل للمبدع أن تُتناول أعماله بمختلف مساربها فتكون ضمن رسائل ماجستير ودكتوراه تدرس فيما بعد وتحتوي هذه الرسائل مؤرخة للأديب مكتبات الجامعات فيستمر ذكره وأعماله ماكان العلم مستمرا أداة للتطور والرقي .. ولا غرو أن تنال هذه الأيقونة الإبداعية عديد التكريمات والجوائز سواء من داخل ليبيا أو خارجها فنالت :

• جائزة أوكسفام نوفيب / PEN لحرية التعبير – هولندا (2015)

• جائزة مجلة دبي الثقافية (2007)

• تكريمات في مؤتمرات الكتّاب والأدب .

تستمتع الروائية باستكشاف الثقافات المختلفة عبر السفر كما عرف عنها الأهل والأصحاب هوايتها لفن الرسم إلى جانب إبداعها في الكتابة بمشاربها .. وهي العاشقة للموسيقى الكلاسيكية نشرت أعمالها الأولى في مجلة المرأة العربية في سوريا وهي في المرحلة الإعدادية. عملت في الصحافة الليبية منذ عام 1991 وكانت صحيفة الشمس أول صحيفة تعمل بها. ساهمت في الكتابة والنشر في بعض الدوريات والصحف والمجلات العربية مثل مجلة المؤتمر الليبية، ومجلة الملتقى الليبية، ومجلة غزالة الليبية، وصحيفة العرب اللندنية، ومجلة قصص السورية. ونُشرت لها أعمال أيضًا في الملحق الثقافي لصحيفة الحرية التونسية .. وعلى لسانها تحدثت عن بداياتها الصحافية والأدبية قائلة :

البدايات الحقيقية كانت في 1990 مع صدور صحيفة الشمس في ليبيا حيث عملت معهم وكان لدي زوايا مثل / بقعة ضوء/ ولماذا ثم تدربت على العمل الصحفي  ولدي كم كبير من التغطيات التي تخص معارض الفن التشكيلي وهي قراءات نقدية أكثر منها متابعة وكتبت في عدة صحف عربية ومحلية منا صحيفة الشط /ومجلة المؤتمر/ مجلة الملتقى/ مجلة غزالة والتي لي فيها زاوية باسم لحظة حياة وهذه إصدارات ليبية في تونس نشرت أعمالي في الملحق الثقافي لصحيفة الحرية وفي مجلة قصص في سوريا نشرت أعمالي في الأسبوع الأدبي وفي لبنان صحيفة المحرر العربي وفي صحيفة العرب اللندنية وأجريت معي حوارات في عدة صحف عربية ولقاءات تلفزيونية.

كتبت عن أعمالي عدة دراسات منها بقلم الروائي ياسي رفاعية والروائي والناقد التونسي دكتور صلاح الدين بوجاهو أيضا كتبت الروائية التونسية آمال مختار عن روايتي والناقد التونسي طارق سليمي له عدة دراسات كتب فيها عن روايتي أيضا / في ليبيا كتب الأستاذ كامل عراب عن الرواية كما كتب الروائي خليفة حسين مصطفى عن مجموعاتي القصصية.

في لقاء سألت عن روايتها الجدلية الرسام الإنكليزي مرة أخرى .. فقال السائل لها .. ما الذي أثار حماسك لتقتفي إبداعياً أثر الفنان التشكيلي الإنجليزي جون فرديرك بيرل ورحلته إلى ليبيا وجداريته في مدينة طبرق ؟ فجاء ردها :

– ما أثار حماسي هو رغبتي الدائمة في خوض تحديات جديدة ، وطرح مواضيع لم أتناولها من قبل. بالنسبة لي، الكتابة عن شخصية فنية بهذا العمق ليست مجرد استكشاف لسيرة أو حدث تاريخي، بل محاولة لتقمص روح الفنان نفسه، للكتابة عنه من الداخل، عن أحلامه وهواجسه ورؤيته للعالم، بعيداً عن الصورة النمطية التي غالباً ما تُقدَّم في الدراما العربية.

___________________________**

جمعت السيرة العطرة للروائية . عفاف عبدالمحسن