في خطاب مثير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم أمس الجمعة، ألقى رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو كلمة لاقت رفضًا دبلوماسيًا وشعبيًا كبيرًا.
وعبرت الوفود الدبلوماسية عن رفضها بغادرة القاعة، حيث خرجت وفود عربية وإسلامية وأخرى من أفريقيا وأوروبا من القاعة أثناء الخطاب، وتزامن ذلك مع مظاهرات في عواصم ومدن عدة لدعم الفلسطينيين.
بعض وفود مثل إسبانيا أعلنت الانسحاب من القاعة (أو امتنعت عن الحضور) كدليل رفض رسمي لسياسات إسرائيل العسكرية، بحسب تقارير متعددة.
اعتبرت عملية الانسحاب من القاعة عند دخول نتنياهو للمنصة لإلقاء الكلمة رسالة احتجاج واضحة على استمرار القصف في غزة والخسائر البشرية الكبيرة ورفض محاولات تبرير الحرب عبر منبر الأمم المتحدة، علاوة على الاستياء من استمرار الانقسام بين خطاب نتنياهو وبين موجة الاعترافات الدولية الأخيرة بدولة فلسطين.
كلمة نتنياهو وإصراره على العنف
ومع ذلك استخدم نتنياهو في خطابه وسائط بصرية ووسائل متعددة — من الخرائط إلى رموز QR — محاولًا توجيه رسالته ليس فقط للحضور بل إلى الجمهور الفلسطيني والعالمي، مع إصراره على أن إسرائيل “يجب أن تُنهي المهمة” ضد حماس في غزة.
كما أعلن نتنياهو أن بلاده ترى اعتراف بعض الدول بدولة فلسطين مؤخرًا خطوة خطيرة، واصفًا إياها بـ “العار” الذي يعطي دفعة لاستمرار العنف
ردود الفلسطينيين
في المقابل وصفت حركة حماس الانسحاب من الكلمة بأنه تجسيد لعزلة إسرائيل، حيث قال المستشار الإعلامي للحركة طاهر النونو، “مقاطعة خطاب نتنياهو تمثل رد فعل على جرائم الحرب المستمرة، وهي رسالة أن إسرائيل معزولة أمام الضمير الدولي.”
وفي غزة والضفة الغربية، تداول الناشطون صورًا لحالة الدمار والتشريد في القطاع، وأكدوا أن أي خطاب بغض النظر عن أسلوبه لا يغيّر من واقع المعاناة.
مواقف نشطاء وإعلاميين
فيما تحدثت صحيفة لوموند عن أن كثيرًا من الفلسطينيين أعربوا عن أن الاعترافات الدبلوماسية وحدها “لن توقف الاحتلال أو تعيد الأمل” ما لم توفّر حماية فعلية.
فيما جمعت منظمات حقوق الإنسان شواهد على وجود ضغوط ضخمة على المدنيين، وطالبت بوقف فوري للهجمات والتدخلات العسكرية، معتبرة أن الحديث السياسي لا يكفي إن لم يُرفق بإجراءات ملموسة.
من جانبه أفاد أندرو روث في مقال بعنوان «عزلة دولية متزايدة» نشرته الغارديان، بأن الانسحاب يعكس عزلة متنامية لإسرائيل، وأن خطاب نتنياهو لم يُغيّر من إدانات المجتمع الدولي، بل زاد من وضوحها.
أما مراسلو رويترز فربطوا المشهد بتصاعد الاعترافات بفلسطين وضغوط الشعوب والبرلمانات، معتبرين أن الانسحاب جزء من حملة دبلوماسية أوسع لرفض سياسات تل أبيب.
ورأى الكاتب في الجزيرة الإنجليزية تيم هيوم، أن الانسحاب يحمل رسالة احتجاج قوية، لكنه لن يترجم مباشرة إلى خطوات عملية في ظل موازين القوى داخل مجلس الأمن.
وذكرت إسوشيتد برس أن نتنياهو صاغ كلمته بمؤثرات بصرية وخطابية لاستهداف الجمهور الإسرائيلي وحلفائه الخارجيين، أكثر من استهداف القاعة الدبلوماسية.
وأكد كل من باراك رافيد وديف لولر الكاتب في منصة أكسيوس الأمريكية، أن مشاهد مشابهة حدثت سابقاً، لكنها هذه المرة تجري في سياق مختلف، مع موجة اعترافات دولية بالدولة الفلسطينية، ما يمنحها وزناً مضاعفاً.
تضامن شعبي
تزامن مع كلمة نتنياهو خروج مظاهرات ضخمة في نيويورك، مؤيدة للفلسطينيين تضمنت شعارات “لاجئين ليسوا أهدافًا” و”غزة الحرة الآن”، في ساحات مقابل مبنى الأمم المتحدة خلال كلمة نتنياهو.
حيث تجمع آلاف المتظاهرين في تايمز سكوير وتوجهوا نحو مقر الأمم المتحدة حاملين الأعلام الفلسطينية ومُوشحين بالكوفية، ورددوا شعارات مثل «فلسطين حرة»، «وقف دعم السلاح لإسرائيل»، و«إنهاء المجزرة».
المظاهرات العالمية التي صاحبت كلمة نتنياهو، بالإضافة إلى الانسحاب الدبلوماسي، تمثل تصعيدًا جديدًا في المواقف الدولية تجاه الحرب في غزة، وهذا التصعيد ليس رمزيًا فقط، بل يحمل في طياته إمكانيات لتغيّر في السياسات الدولية، خاصة إذا ما تزامن مع خطوات عملية وقرارات رسمية.